فاتقني منذ أكثر من أسبوع ذاك اللقاء الذي نظمته إدارة مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مع بعض قيادات القضاة للتحذير من مذبحة على غرار "مذبحة القضاء" في ستينات القرن المنصرم حين قرر عبد الناصر عقاب القضاة الذين خالفوا إدارته محولا إياهم إلى وظائف إدارية، وكنت أتمنى حضور هذا اللقاء لأستعيد مع الحاضرين ذكريات قضائية أحدث جرت في إيطاليا مطلع التسعينات من نفس القرن فيما عرف بعد ذلك "بعملية الأيدي النظيفة" حين أسقطت نخبة القضاة هناك معظم الطبقة السياسية "حكومة ومعارضة" بتهمة الفساد، وكنت أود أن أقول للحاضرين أن عزل حركة القضاء المصري الشجاع عن بقية نسيج المجتمع بحجة عدم التسييس أو غيرها من الأطروحات تكرس لوضع تستفرد فيه السلطة بالقضاة لتساومهم:
إما الذبح أو الرضوخ مع تحقيق بعض المكاسب الفئوية!!!
رأيت أننا على مفترق عدة طرق في قضايا متنوعة، وإذا لم نفكر ونتحرك فلن تكون النتيجة سوى الفشل الذي لا يريده أي مخلص لهذا البلد.
في نفس الاتجاه استطعت بأعجوبة أمس أن أمر لدقائق على لقاء تضامني عقده مركز الدراسات الاشتراكية مع الإخوان المسلمين ومعتقليهم، وكان المركز وجماعته الصغيرة الناشطة قد أصدروا بعنوان: "مع الإخوان، وضد السلطة".... فيما يعدو موقفا يستحق التثمين والتأمل، وقابلا للتطوير والبناء عليه، إذا كنا فعلا بصدد طريقة جديدة للتفكير والعمل.
قلت للحاضرين أمس أنني لاحظت أن آفة خطيرة مما يتحكم في تفكيرنا ومسلكنا، وهي هذا الوهم بوجود نقاء وصواب لا تشوبه شائبة، ويدور بحثنا دائما عن الحق الذي لا يأتيه الباطل، وليس هذا سوى الله وكتابه وعدله وحكمته، أما نحن البشر فخليط من الشر والخير، الصواب والخطأ، والسلطة تصطاد الأخطاء وتضرب الجميع واحدا تلو الآخر، لأنهم مخطئون في هذه الناحية أو تلك، رغم أن كل ابن آدم خطاء، أفرادا أو جماعات، وبدلا من تطوير الأداء تحب السلطات المستبدة إغلاق الأبواب التي تأتي أو حتى يمكن أن تأتي منها الريح فتسدها لتستريح... هي، ونتعب نحن في وطن أسِنَ هواؤهَ!!!
هل يمكن أن تنتشر فكرتي بردم الفجوات، ورتق الفتوق وفتح عملية حوار وتضامن واسع
ومستمر دعوت لها في (أجندة صيف ساخن) ؟!!
واقرأ أيضا:
على باب الله: في انتظار خديجة/ على باب الله الثقافة والسياسة/ حليم وصفوان وفساد الزمان/ على باب الله في زمن الموبايل 25 /3/ على باب الله:موقعي