هكذا وجدنا آباءنا يفعلون
كان إسلام أون لاين بالنسبة لي عالم طالما حلمت به وظننت أنه ليس موجوداً إلا في خيالي.. عالم فيه الناس تتحاور وتتفاهم.. تختلف وتقدر وتتفهم.. وتتبادل الخبرات والأفكار والثقافات.. تقدر المشاعر والأحاسيس.. تتفهم الأخطاء وتحاول تقويمها بطرق أخري غير اللوم والتقريع..
لقد نشأت في أسرة الحوار فيها أكبر خطيئة علي الأقل من وجهة نظر أمي.. فعندما كنت أتحاور مع أبي (رحمه الله) وهو الوحيد الذي كنت استمتع بحواري معه.. كانت لا بد أن تترك لنا المكان.. وإذا غابت ورجعت بعد فترة لتجدنا لا نزال نتحدث في نفس الموضوع –بهدوء تام وموضوعية– فإنها تثور وتطلب منا غلق الموضوع وإلا.. هناك من التهديدات ما لا تطيب له النفس.. ولا أنسي أنها في يوم من الأيام ثارت ثورة عارمة وأقسمت لتترك لنا البيت غاضبة وذهبت لزيارة إحدى صديقاتها حتى نتناقش بحريتنا.. ولم أستطيع أبداً أن أتوصل ماذا يضيرها في حوارنا..
وعندما تقدم لي عريس.. قالت له أني مثالية في كل شيء.. إلا إنني أحب الحوار .. ولا تظنوا أنه لم يكن في بيتنا كلام.. إنما هو إما أوامر أو نواهي.. أو المختصر المفيد.. وإذا كان لا بد من النقاش بالنسبة لموضوع ما مثل التخطيط لسفر أو ما إلي ذلك فالسياسة هي "قَصَّر" .. أما مناقشة قضايا عامة في السياسة أو الاقتصاد أو حتى الأمور الدينية مثلا فهي من المحرمات..
وهكذا أصبحت مفاهيمنا وأفكارنا مرجعها في كل شيء كما ورد في القرآن الكريم عن الكفرة "قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (الشعراء : 74 )".. والحمد لله أن ولدنا مسلمين.. وإلا كانت الطامة الكبرى.. إذ كنا سنقول هكذا وجدنا آباءنا كفرة..
ولا أظن أن حتى هذا الدين فهمنها علي حقيقته.. إذ كان الحوار ممنوع.. فهكذا أخذنا كل طقوسه عن أهلنا "قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (الشعراء : 74 )
"
وعندما أردت أن أغير هذا في تربيتي لأولادي.. كان زوجي لي بالمرصاد.. فقد سلمته أمي القيادة..
واقرأ أيضا:
حكايات بنت الفرات: حفلة بمناسبة يوم اليتيم.. / حكايات بنت الفرات: وظائف إنسانية شاغرة / حكايات بنت الفرات: مواقف مؤثرة