ما هي المشكلة التي مررت بها في حياتي وأوجدت ـ بفضل الله ـ حلا لها..
ربما أكثر ما كان يتعبني عندما كنت طفلة صغيرة, هو افتقادي للشخصية الجذابة المحببة من صديقاتها وأهلها..
كنت دائما ما أنضم لفتيات الفئة الثانية (كما يطلقن عليهن في المدرسة) بسبب ضعف شخصيتي وقلة نشاطي..
ربما كانت هناك عوامل كثيرة أدت إلى تغلغل هذا الضعف في نفسي..
أوله عامل الأهل و الأسرة.. فأخي كان شديد الذكاء والفصاحة.. جامح الخيال. يعرف ما ذا يختار من لعب وما يميل إليه من هوايات..
طيبة.. كانت البنوتة الصغنونة الأمورة إلا الكل فرحان بيها ويلعب بيها زي أي دمية جميلة صغيرة.
عشان كدة كبرت وأنا لا اعرف كيف أسير في الدنيا إلا ويد أخي هي التي أتكل وأعتمد عليها لتقودني لأي طريق..
هو يتكلم وأنا أسمع..
هو يمزح وينكت وأنا أضحك..
هو يختار الألعاب ويكتشف الجديد في تكنولوجيا الفيديو والجيمز وأنا ألعب..
هو عنده هوايات ويقرأ ويكتب القصص والأشعار منذ طفولته.. وأنا أقف أقرأ له.. وبس..
أذكر عندما كنا نخرج لرحلات البر (يعني الصحراء) كان أخي يصعد فوق صخرة كبيرة.. وينشد شعرا فكاهيا من مخيلته.. يسرده سردا منمقا بديعا.. والجميع يضحك ويصفق له.. وينظرون لي مداعبين.. هل تستطيعين أن تقولي مثله ؟؟..
أعلم أنهم كانوا يمزحون.. وكنت أبتسم لهم في خجل هادئ.. ولكني كنت أتقوقع داخل نفسي أكثر لشعوري بعدم فائدتي بينهم..
وظللت على هذه الحالة, ولم أدخل المدرسة بعد وقد سبقني إليها أخي..
كنت أضيق من صوت أمي وهي تصرخ على أخي لأنه فور عودته من المدرسة كان يقرا قصص ميكي وبطوطة مؤخرا لفروضه المدرسية..
فقررت يوم التحاقي بالمدرسة.. أن أول ما أصنعه هو حل واجباتي المدرسية كي أرتاح من توبيخ أمي.. مش أكثر يعني..
وفي يوم ما.. كنت في صف تمهيدي.. يعني كي جي 2 عندكم..
وعدت من المدرسة فورا وكتبت وجباتي.. وأخي كالعادة بيقرأ في ميكي وبطوطة..
وأمي.. كذلك كالعادة تصرخ فيه بسبب إهماله.. ثم قالت كلمة.. غيرت مجرى حياتي كله..
قالت له: شوف أختك كيف ما شاء الله عليها ما بتتعبني وبتحل واجباتها فورا من غير أي تأخير..
وهنا أحسست لأول مرة إني أتفوق على أخي, وإنني ناجحة ولو بشيء واحد..
وبدأت من يومها .. لا أمل ولا أكل من الدراسة..
وأصبحت كتب الدراسة تلازمني وأصبح السهر والجد والتحضير سمات مرادفة لي..لا يعني هذا أنني كنت من الأوائل دوما.. ولكن يكفيني استشعار جهد العمل ونجاح الإنجاز..
لكن للأسف.. ما زالت الشخصية في داخلي هي هي.. بتقوقعها.. التي لا يرى فيها أهلها أكثر من دمية يحبون تدليلها و لها الحظوة الأكبر في نفوسهم لأنها الفتاة المؤدبة المطيعة الجميلة.. فقط..
كنت كثيرا ما أعاني من ضعف في شخصيتي أمام زميلاتي, و ما زلت أذكر إلى الآن اضطهادهن لي في مرحلة التمهيدي وأول ابتدائي..
ثم رحلت إلى مدرسة أخرى, و هناك زاد الطين بلّة.. فكنت أعاني من تمييز المعلمات وتفرقتهن بين الطالبات, وطبعا كنت أنا من ذوات الحظ الأضعف.
قررت يوما أن أكون شجاعة وأصارح إحدى المعلمات بهذا التمييز الذي طالما كان يجرح الكثير منا, فبعضنا لا ينال سوى المدح والتدليل, والبقية لا ينلن سوى التوبيخ والتقريع..
و فعلا ظننت أنني كنت شجاعة و استطعت إقناع معلمتي بكل أدب و خجل بعد أن شكرني على صراحتي, ولكني فوجئت أنها لم تتغير مطلقا, بل وصرحت أمام الفصل لصاحبات التفضيل لديها أن هناك فتاة تغار منكن وتنتقدني على تعاملي معكن يا حبيباتي..
صدمت كثيرا.. و إن كنت أشكرها أنها لم تذكر اسمي, فما كنت لأطيق أن يتهمني غيري بالغيرة, و ما أردت إلا الإصلاح ما استطعت, وتقوقعت في نفسي أكثر.. وأكثر..
غير أن هذا لم يمنع أني كنتُ محبوبة بين المدرسات لشدة هدوئي و فوقي الدراسي, فتم انتخابي في إحدى مسابقات المدرسة بأهدأ وأنظف طالبة في المدرسة كلها..
لم أنسى يومها إلى الآن, كنت سعيدة بداخلي لأن هذا أول نجاح لي وسط صديقاتي و أهلي.. وكان عمري لا يتجاوز السبع سنوات..
في السنة التالية.. أي في الصف الرابع الابتدائي.. قررت أن أتغير.. وأصبح ذات شخصية قوية.. من ذوات الرقم واحد في الفصل الدراسي وبين شلل وأحزاب المدرسة..
فما كان مني غير.. التقليد.. التقليد الحرفي لزميلاتي.. طبعا لم يكن في شيء مخالف للآداب العامة أو الشرع الديني فكلهن ذوات خلق و أدب ـ وأحمد الله على ذلك ـ ولكن التقليد كان في كل شيء خارجي.. في طريقة اللباس والحديث والضحك وتسريحات الشعر وو و..
حتى أنني اذكر أنني كنت بشخصيتين مزدوجتين, إحداهما طيبة الطبيعية في المدرسة و الأخرى في البيت..
وشعرت فعلا أني بدأت أشعر بالقوة والثقة التي طالما افتقدتها كثيرا في ذاتي.. ولكني في داخل نفسي, كنت أكره كل من حولي وأشعر أنني لست أنا.. فأضع حاجزا على قلبي وعقلي يفصلني عنهن..
ولكني كنت سعيدة في جميع الأحوال وأنا أرى نفسي تأخذ موضعها بين فتيات القوة والمركز في الصف..
ولكنني طمعت في أكثر من هذا.. للأسف
كانت المدرسة قد أعلنت عن فتح باب للتبرع لإحدى الهيئات الإغاثية, وفرحنا كثيرا لأن هذا كان يحدث لأول مرة, وأخذت كل منا تقول ما هو المبلغ الذي ستتبرع به..
فقلت بعلو صوتي.. سأتبرع بألف ريال
.. هتفت صديقاتي.. وااااو مستحيييل.. نتحداكِ
.. وقبلت التحدي..
ويتبع >>>>: شباب الجنة: مشكلة وحلها (2)
واقرأ أيضا:
فضفضة3: طيبة الطيبة