أكتب لأن الكتابة جزء مني .. جزء من تكويني.. إحساس يتملكني.. وكأنه مرجل يكاد أن ينفجر بما فيه من بخار إذا لم أخرج ما به عبر وريد القلم.. أشعر بعد أن أضع النقطة الأخيرة في آخر السطر بشيء من النشوة التي لا أجد في لذتها مثيل.. أتحرك بعدها بخفة الفراشة.. وانسيابية النهر.. وقوة الريح.
هل لهذا السبب بدأت الكتابة أم لهذا السبب استمريت فيها..
متى أدركت هذا الإحساس.. هل منذ عرفت الطريق إلى الورقة التي يستفزك بياضها أن تترك عليه بصماتك بألوان أخرى تجعل الرؤية أكثر قربا للواقع المحروم من اللون الأبيض.. أم أن هذه الفلسفة تكونت عندي بعدما مرت على علاقتي بالقلم سنوات عاشرته فيها.. اعتدت شطحاته ولامس مكنوناتي.
لا ادري.. يبدو أن تكرار السؤال في أكثر من مناسبة كان وراء بحثي عن الإجابة والتي قد يراها الكثيرون منطقية وطبيعية.
ولكن بالنسبة لي.. اشعر في هذه اللحظة باستثنائية دوافعي للكتابة فرغم ما ذكرته عن عمق التجربة وأصالتها.. إلا أني لست ممن يحسبون على حملة الأقلام.. هجرت الكتابة التي اعشقها بالشهور.. حتى لو أتتني الفرص للكتابة تجدني أتعاطاها كما يتعاطى الشيخ المريض دواءه متحايلا عليه حتى لا يلامس لسانه طعم مرارته.
أهرب من الاندماج فيما أكتب.. متحاشية السنة اللهب.. مستأنسة الجلوس في ظل العادي.. عن الاحتراق في شمس المميز.
لقد تحول السؤال إلى آخر أكثر منطقية.. لماذا لا أكتب.. أو بمعنى أصح لماذا لا أحترق؟؟
ماذا يمنعني من ممارسة أحب شيء إلى نفسي بالحرفية المطلوبة التي ترضيني في المقام الأول؟
أبحث عن الإجابة داخل سراديب نفسي.. يستوقفني باب مغلق معلق عليه لافتة أحلام مؤجلة.. خلفه من الأمنيات الكثير التي لم يحن الوقت لعمله.. أسأل نفسي.. متى اللحظة إذن؟؟؟
متى سأكتب عن نفسي.. عن أحب الناس إلي.. عن لقطات تستوقفني.. عن هزات زلزلت أركان نفسي.. عن أفكار دارت معها رأسي.. عن قلوب حرير وأخرى حجر.. ؟؟؟
أحتار في الرد.. ألقي بنظري إلى هناك حيث الشمس.. تقول هل من مزيد؟؟؟