حكاوي القهاوي (18)
(79)
شكراً
شكرا لكم يأهل تونس أن أشعلتم الثورة ضد الظلم والطغيان. شكراً لكم أن كنتم لنا الشرارة فأطلقتم المارد الذي بداخلنا. شكراً لكم شبابنا أن خرجتم لإسقاط الفرعون والنظام. شكراً لكم أهل السويس يا مدينة الأبطال أن كنتم في طليعة الشهداء. شكراً لكم شهدائنا فأنتم تيجان على الرؤوس. شكراً لكم شباب مصر أن أثبتم للعالم أننا مازلنا الرجال. شكراً لكم أن ذكّرتمونا بيوم العبور فأذهلتم العالم من جديد. شكراً يا شباب مصر يا قادة اليوم والغد. شكراً لكم يا من تحركتم دون قيادة تدعي لنفسها فضل النداء، نداؤكم من ضمائركم فحسب؛ ليس من قيادة حزبية أو من برطمانهم الموازي. شكراً لكم أن جعلتمونا نفخر أننا مصريون.
(80)
الرئيس يترنح
خرج علينا الرئيس مبارك أمس يترنح وقد وضح عليه بما لا يدع مجالاً للشك في أن الرئيس تحت تأثير كمية كبيرة من المخدر تمكنه من إلقاء علينا ما ألقاه. وقد وضح عليه تأثير المخدر في عدم قدرته على فتح عينه اليمنى بكاملها. فكان الجفن الأيمن يرتفع بالكاد إلى النصف. كما وضح عليه أيضا تأثير المخدر في عدم قدرته على الحديث بمخارج صحيحة لبعض الكلمات، فخرجت كثير من الحروف دون نطق صحيح لها والبعض منه أبتلعه الرئيس تماماً.
لقد جاءت كلماته وتعبيراته لتفصح لنا بوضوح أن الرئيس غير قادر على القيام بواجبات منصبه وإن حاول التظاهر بغير ذلك عندما حاول أن يضفي على حديثه نغمات تعبيرية ليعطي تأثيراً مخادعاً للمشاهد أنه يخطب في الناس كالمعتاد. هل كانت حالة الرئيس الصحية هي السبب في عدم التواصل بينه وبين الرئيس الأمريكي أوباما حتى أخذ الرئيس المصري الجرعة اللازمة من المسكن.
(81)
لا مؤاخذة
كنت أحلم بأن يقول الرئيس "فهمتكم" في بيانه الذي قال به في الساعة الرابعة صباحاً. ولكن سيادته سكت دهراً ونطق كفراً. فقام بتغيير الوزارة وتناسى ما يطالبه به الناس بالرحيل؛ مما يدل على أن الرئيس في حالة تغييب كامل للوعي وأنه لا يعرف شيء عن أي شيء. إن دل هذا فإنما يدل على أن سيادته ولا مؤاخذة ما بيفهمش.
(82)
مصر وتونس كيف كيف
الرئيس مبارك وعصابته ينفذون بشكل متطابق - أو كما يقول إخواننا في تونس "كيف كيف" - مع ما فعله بن علي في تونس وكأن من وضع خطة التعامل مع الشعب التونسي هو هو ذاته من وضعها لمبارك ونظامه. التحرك الأول كان ضرب المتظاهرين بيد من حديد وإيقاع أكبر عدد من القتلى حتى يجبن هؤلاء ويعودون لمنازلهم فتنتهي الأزمة، وبعدها بالتأكيد لن يعرف أحد أي شيء عما حدث، وهذا ما فعله بن علي بالضبط غير أن الفارق أن عدد القتلى في مصر وصل في يوم واحد إلى أعداد تفوق أضعاف ما وقع في تونس خلال شهر بأكمله. مما يشير إلى فجور النظام المصري وتهوره وخروجه عن سياق العقل والمنطق وأيضاً مما يشير إلى منتهى رعب النظام.
التحرك الثاني كان في سحب الشرطة من الشوارع وإعطاء الأوامر للبلطجية بالانطلاق والعبث بكل شيء حتى يصرخ الناس ويطالبوا بعودة النظام وتقبيل يده حتى يستمر، تماماً كما فعل بن علي في تونس ولكن بن علي فعل ذلك عندما هرب، بينما فعلها النظام في مصر وهو موجود حتى يسهل استدعائه واستجدائه. التحرك الثالث كان عندما لم يرتجع الشعب ويعود إلى حظيرة مبارك، فقام الرئيس بالاستجابة لمطالب الشعب وفقاً لنظام القطعة قطعة وذلك بإقالة الوزارة وتشكيل وزارة جديدة؛ تماماً كما فعل بن علي حين قام بتعديلات وزارية وإقالة وزير الداخلية وأحد مستشاريه.
ولما ازدادت وتيرة الأحداث وشعر الرئيس مبارك بسخفه قرر الاستمرار في التغيير بتعيين نائباً له بعد ثلاثين عاماً. ولكن كان لسان حال الشعب المصري هو "it's too late ya waldi"، التحرك الرابع تمثل في استخدام سياسة الأرض المحروقة وذلك بإطلاق النار على المساجين ثم إطلاق سراح الخطرين منهم في سجون طره وأبي زعبل ومعهم الأسلحة وذلك ليعيثوا الفساد في الأرض. تماماً كما فعل بن علي حين قتل المساجين وأطلق صراح الخطرين ليعيثوا في الأرض الفساد.
التحرك الخامس كان هروب أسرة الرئيس وسرقة وتهريب ما خف وزنه وثقل ثمنه؛ فجمال وعلاء مبارك وزوجاتهم هم الآن في لندن في أمان كبير، تماما كما فعل بن علي بهروب زوجته وبناته خارج البلاد ومعهم الكثير والكثير مما نهبوه؛ فزوجة بن علي هربت ومعها طن ونصف الطن من الذهب. لم يتبق لنا الآن سوى التحرك الأخير وهو أن يخرج علينا مبارك ليقول "فهمتكوا" أو ليقصر علينا الرئيس الطريق ويهرب وسيجد حتماً من يستضيفه لظروف إنسانية. وأظن أن شركة الأمن التي هربت بن علي قد تكون هي ذاتها من اتفق معها مبارك على الهروب الكبير. نلاحظ أيضاً أن الشعب المصري والتونسي كيف كيف، فالشعب المصري خرج وقرر ألا يعود حتى يسقط النظام؛ كما فعل أهلنا في تونس. والشعب المصري خرج دون قيادة تحركه فكانت ثورة شعبية مائة بالمائة كما كان الحال مع إخواننا في تونس. ثم أن الشعب المصري شكل لجان لحماية الثورة الشعبية كما سبقونا في تونس. وإن شاء الله سنكون والتوانسة أيضاً كيف كيف حتى تقام الدولة الحرة وننعم جميعاً بالحرية.
30/1/2011
ويتبع >>>>>>: حكاوي القهاوي (20)
واقرأ أيضاً:
هيلن كيلر معجزة لن تتكرر/ ولمَ لا؟/ حكاوي القهاوي