حكاوي القهاوي (31)
(153)
من شابه أباه ما ظلم
جاء حديث ابن القذافي إلى الشعب الليبي حديثاً كله استعلاءً على الشعب نتيجة لثقته فيما سوف تنتهي إليه الأحداث، هذا إضافة للوعيد بما لا يخطر لهذا الشعب على بال. وقد ظهر ذلك من خلال لغة التواصل غير اللفظي التي جاءت في خطابه، فقد وضحت الثقة في جلسته المسترخية فلم يكن جسده مشدوداً بما تقتضيه الأحداث. كما وضح الاستعلاء من حركات يده في الهواء وكأنه يشرح درساً لأطفال، ناهيك عن نبرة صوته التي تنم عن ثقة واستعلاء شديدين. أما الوعيد فقد دل عليه استخدامه لأصبعه السبابة في الحديث وكأنه مدرس في الفصل يعنف تلاميذه ويهددهم.
لقد كان مصدر الثقة في حديثة راجعاً لتحليله لتركيبة البنية الاجتماعية للشعب الليبي التي تقوم على القبلية وأنه يراهن على اندلاع حرباً أهلية بين القبائل، خاصة وأن هذا الشعب يمتلك السلاح. لقد أتضح وعيده للشعب الليبي حين يقول أن ليبيا ستكون حمامات دم، وكشفت لنا الأحداث اليوم أنه يتحدث عما ينتويه هو ونظام أبيه لهذا الشعب الأعزل، وليس حمامات دم راجعة إلى التركيبة القبلية أو انتشار السلاح. الوعيد جاء في حديثه حين يقول أنهم باقين حتى آخر رجل وامرأة، واليوم كشفت لنا الأحداث أنه يقصد حتى قتله لآخر رجل وامرأة ليبية. يقول في وعيده أن الجيش في ليبيا ليس كجيش مصر أو تونس، بما يشير إلى أنه يضمن ولاء الجيش. وقد اتضح صدق حديثه اليوم ليس لضمان ولاء الجيش الليبي ولكن لأنه يعتمد على المرتزقة الذين لا دين لهم وأن ولائهم لمن يدفع. فمن يقتل اليوم الشعب الليبي ليس الجيش الليبي وإنما جيش المرتزقة الذين يدفع لهم بسخاء منذ سنوات طويلة، سواء من طيارين أو مشاة أو قنّاصين مرتزقة.
ما أن أنهى ابن القذافي حديثه حتى انقلب السحر على الساحر وأنضم الجيش وقادته للشعب، والحال كذلك مع رجال قوات الأمن فضربوا مثالاً يحتذى به في الوطنية التي لا تهز شعره في نظام القذافي؛ إذ يعتمد بالأساس وفي النهاية على المرتزقة وليس الجيش. انقلب السحر على الساحر إذ انضمت القبائل وقادتها إلى الشعب وتوحد الشعب ضد القذافي ونظام حكمه، فانتهت أكذوبة القبلية. إن فشل وانهيار التهديد بالمصير الأسود للشعب من خلال اللعب على وتر الانتماءات القبلية وعلى وتر انتشار السلاح بين أفراد الشعب مما سيؤدي في النهاية إلى اندلاع حرباً أهلية؛ درساً لبن صالح في اليمن، فالشعب يعرف جيداً ماذا يريد. الشعب يريد الحرية والكرامة والعدل والمساواة، الشعب يريد إسقاط النظام ولن تحدث حرباً أهلية فعلى الشعب أن يطمئن لضميره ولا تخيفه أكاذيب النظام.
(154)
صوره طبق الأصل
ما يقوم به النظام الليبي من نسبه ثورة الشعب الليبي إلي أيد خارجية؛ هو نفسه ما فعلته كل الأنظمة الفاشلة مثل النظام التونسي والمصري واليمني. أعتمد النظام الليبي الفاشل على أكذوبة أن الأيدي الخفية هي أيدي مصرية وتونسية. ولن يعدم النظام الليبي الحيلة من تثبيت التهمة على المصريين والتوانسة المساكين العاملين في تونس. وإنْ تطلب الأمر فمن الممكن دفع بعض الأموال لمن يخرج علينا ويحكي لنا كيف تدرب على أيدي المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي تماماً كما فعل من قبل النظام المصري البائد. فعلى الرغم من أن النظامين المصري والتونسي قد ذهبوا إلى الجحيم والحمد لله، وأن الشعبين مشغولين بما هم فيه ومحاولة إرساء قواعد ونظم دولة ديمقراطية، لم يشفع كل هذا للنظام الليبي لأنه ببساطة نظام غبي استسهل إلقاء التهم على مصر وتونس. إن ما يحدث في ليبيا يقول لنا أن جميع الأنظمة العربية القمعية صورة بالكربون من بعضها البعض وإن شاء الله سيلقون نفس المصير.
(155)
شكراً لكم
شكراً لكل دبلوماسي ليبي شريف رفض أفعال النظام الليبي وقرر الاستقالة من هذه المنظومة الفاشية. شكراً لكم أن أعلنتم أنكم من الشعب وأن مكانكم هو صفوف الشعب. شكراً لكل جندي شريف سواء كان في الجيش أو في الشرطة أن رفض أن يرقع سلاحه في وجه أخيه الليبي وقرر أن يلقى ما يلقاه شعبه على أيدي قناصة ومرتزقة المجرم القذافي. صبراً آل ليبيا فإن موعدكم النصر بإذن الله.
(156)
هكذا أنتم دائماً
كل يوم يكشف لنا الغرب عن قبح وجهه وعن مدى تشوهه؛ فمن استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو لحماية إسرائيل وإعطائها الغطاء الشرعي لكل ممارستها الفاشية في فلسطين، وحتى إقامة هذه الأنظمة الغربية لعلاقاتها المشبوهة مع الأنظمة العربية الفاشية مع شعوبها بل وتسترها على قتل هذه الأنظمة لشعوبها إذا تمردت على طغاتها. هذه الدول الغربية تغاضت عن الممارسات القمعية للأنظمة العربية الفاشية على أمل بقائها في كراسيها لتخدم مصالح الغرب. لن ننسى ما فعلتموه وما تفعلونه وسنكتب في كتبنا ونعلمه لأبنائنا كيف أنتم مجرمون ومشاركون بصمتكم في قتل أبنائنا في ليبيا وتونس ومصر وفي اليمن وفي غيرها ممن الدول الثائرة على طريق الحرية.
21/2/2011
ويتبع >>>>>>>>: حكاوي القهاوي (33)
واقرأ أيضاً:
سيناريو الثورة المضادة!/ تنظيف مصر من آثار الفرعون بالمقشات/ قلق ما بعد الثورة/ حكاوي القهاوي