هناك طرف ثالث إذاً، هذا ما أكده أكثر من عبقري من الحواريين في البلد العجيب، الطرف الثالث يفعل بالسوريين الأعاجيب، يقتلهم، يدخلهم في سراديب سرية تحت الأرض، يشق الأجساد ويستخرج الأعضاء، وأغرب ما فعله هذا الطرف الثالث! قطع العضو الذكري لطفل عمره ثلاثة عشر عاما أعادوه ميتاً وشبه متفسخ إلى أهله، أي أنه لم يبلغ الحلم بعد، ولا يعرف ربما أن لهذا العضو من دور سوى اختصاص التبول، الأمر الذي فاجأ حتى امرأة حلبية قالت أنها ستنزل إلى ساحة سعد الله الجابري وحيدة لتتظاهر حتى ولو لم يخرج رجل واحد من حلب؛
وقد يُلتمس لأهل حلب العذر إن لم يخرجوا بعد هذا اليوم، فربما يفقدون أعز ما يملكون، ستفقد الحياة بعدها كل معنى لديهم، ولن يصبح لولائم يوم الجمعة وحفلات الشواء أي معنى، طالما أن الإنسان لن يهنأ بما هو أعمق من ذلك، وما ملذات الطعام والشراب والطرب واللهو سوى طريق للملذات العظمى.
عاد الطفل إلى أهله هكذا بلا عضو وقد قارنت مذهولاً بين صورته الباسمة قبل قتله وبين تفاصيل آثار القتل على جسده الآن ووجه المصبغ بألوان قاتمة، وعاد رجل آخر مسلوخ، وعاد فتى معاق ومتخلف عقلياً، بدأ الأهالي يستعيدون جثث أبنائهم بعد أن صارت المقابر الجماعية والسرية أمر يمكن اكتشافه، ولأن الجثث تحمل رسائل مشفرة ربما تكون لمن خلفها آية، وكثيرون ستختفي آثارهم إلى الأبد.
قال حواري جهبذ اسمه "شريف شحاذة" يتكلم بطلاقة وقد حصل عليه آصف شوكت وعلي مملوك بعد طول وحام، وتساءل الناس في سورية من أي حي سري ظهر هذا المغمور الذي لم نسمع به سوى الآن، وقد توسله عالم الفضاء السوري من القدر، قال شحاذة وهو يحاور مذيعة محنكة على قناة الجزيرة، هذا العمل لا يمكن أن يقوم به إنسان سوي ولا عنصر من رجال الأمن، هناك طرف خامس،إنكم تزورون، إنكم تفبركون، هؤلاء حثالة.
وكرر هذا الكلام، جهبذ آخر يجعل معظم السوريين يكشرون غضباً من قناة الجزيرة على استضافته، ويلغون وجبات عشاءهم، واسمه بسام، ويقول واثقا وبلسان ذرب هناك طرف ثالث يقتل ويشرح، ويعرف هذا الرجل بأنه أستاذ في العلاقات الدولية التي برعت حكومة سورية بها كثيرا لدرجة أنها صارت تعتمد على طبيب الأسنان طالب إبراهيم لتجميل فكها الدولي المخلخع.
إذا هناك مخلوقات فضائية من إحدى المجرات استغلت حالة الفوضى في الشوارع، وبدأت تختطف وتجري تجاربها، وتأخذ بعض الأعضاء من القتلى، لتحلل ماهيتها، وقيل أن زعيم إحدى الكواكب يفضل شوربة أعضاء خاصة من الكائنات التي تسكن الأرض، حيث ظهر شريط لمعاق وقد تم شق جسده من الرقبة إلى العانة بساطور ولا ندري إن كان هناك ما زال أعضاء في داخله، لكن عضوه الذكري كان لا يزال معلقا في جسده.
وهناك تحليل آخر بأن العناصر الذين اعتقلوا الأطفال لأول مرة في المدينة الريفية، وبعد أن تم تعذيبهم وقيل اغتصاب بعضهم، صارت له رؤية وخطة أخرى حين القبض على الأطفال الذين صنعوا هذا الوضع العارم في سورية.. "من الأفضل قطع أعضائهم لأنهم ربما يغتصبون أولادنا في مستقبل ليس ببعيد" فالأفضل قطع الشك باليقين وأن هؤلاء سيكونون بلا أعضاء في المستقبل وأن كل من يرى مشهد جثمان بهذا الشكل سيصيبه حالة خصي طبيعية وعقم، ورجل بلا ذكر، قطعا سيكون جبانا وسيكون خافتا ولا يتظاهر، أنا شخصيا وصلتني الرسالة وفقدت حالة الخصوبة منذ عدة أيام ولا أشعرر أن لدي غريزة أساسية تتحرك في جسدي ولكن غضباً وامتعاضا وليس خوفاً.
وأخيرا نجحت خطة زوجتي في أن أصبح نحيفاً، إنها تضع وجبة الغداء في الوقت الذي يضعون فيه حصاد اليوم، وحسب اتفاقنا السابق بأنه ستكون لدينا وجبة دسمة واحدة في الأسبوع وهو في يوم الجمعة، حيث تحتوي هذه الوجبة ما لذ وطاب من لحوم ونشويات ودسم، إنه يوم الأكل العالمي، ولكن يا حسرتي يوم الجمعة بالذات أنا لم أعد قادراً على الأكل، حيث يتم مشاهدة التلفزيون في موعد وفي يوم يكون ملف سوريا ماليء الدنيا وشاغل الناس، وهات يا تقارير، وهات يا مشاهد، حيث أن جوعي الذي خبأته حتى هذا الوقت سيخرس مرة واحدة وبدلاً عن الأكل أرغب بالتقيؤ وأصاب بتلخبط في المعدة وبعدها لا أستطيع الأكل حتى موعد العشاء وعشاؤنا أيضا في موعد حصاد الليل.
إذا كنت ترغب بالتنحيف ما عليك سوى متابعة أخبار بلدنا، وإليك هذا المشهد إن كنت لا تصدق، ما رأيك بهذه الوليمة شاب عمره ثمان وعشرون عاما، مسلوخ الجلد، مقلع الأظافر، أليست الكائنات الفضائية، هذا الطرف الثالث مبدعة، تفاجأنا دائما بأشكال مبتكرة في تقديم المنحوتات البشرية قسماً أن هكذا فنون لم تخطر على بالي من قبل، وهل خطرت على بال إبليس.
وقالت سيدة تسهر مع زوجها "الشبيح" بعد العشاء في قرية ساحلية جميلة. في الشرفة الواسعة وهي تتفرج على التلفزيون وتشرب معه المتة، حين رأت الصورة وزوجها يقلب المحطات حين لم تعجبه الأغنية الراقصة في إحدى القنوات، الحق عليهم "شوف شو صار بعد إلغاء حالة الطوارئ" فالتفت إليها وغمزها بعينه وقال "كيفني معك"؟؟
وفي حين أن هذا الأمر يمر مرورا صار معتادا على كل الأطراف التي اعتادت أن ترى الموت والقتل والسلخ والبتر، فطرف اعتاد على تجرع الألم وهو ماضٍ كل يوم بأناس يخرجون الى الشوارع دون أمل الرجوع الى بيوتهم، وآخر يتشفى ويكذُّب ما يرى، فإننا بانتظار ما سيقوله صحفي مشهور في صحيفة أمريكية مشهورة.... فقد اعتدنا أن نتأثر بعمق فقط بعد أن يتحرك الناس فيما وراء المحيطات.
واقرأ أيضًا: