عندما أرى الناس عندنا يبادون بالجملة كالذباب؛
من ألوم؟ الشعوب العربية وهم الذين يتقطعون ألمًا علينا إن لم تقطعهم السكاكين مثلنا؟ وهم -كما نرى- عاجزون عن فعل أي شيء سوى الدعاء!
ثم اليهود وأذنابهم من كل الجنسيات العربية وغيرها...، ماذا أقول عنهم، وهم هم منذ الأزل؟ لن يفهموا ولن تهتز فيهم شعرة لما يحل بنا، ولن يرعووا عن ظلمهم، فهم بلاء كتب الله وجودهم في رحلة هذه الحياة ليبتلي المؤمنين بهم، وينظر كيف يطيعونه فيهم، فيعاملونهم حسب ما أمر...
كيف إذن أغضب لأننا لم نجد منهم إحساسًا ولا عونًا؟؟؟
نحن أساسًا نكرههم في الله، وننكر أفعالهم...، فما يفعلونه لن يزيد في الأمر شيئًا!!! بغضنا لهم هو هو، ورغبتنا في مكافحة شرهم لتكون كلمة الله هي العليا هي هي... ومهمتنا فقط أن نحسن الاجتهاد مستندين إلى العلم والأدلة لمعرفة حكم الله فيهم في الزمان الفلاني والمكان الفلاني، لننفذ ونطيع...
من ألوم؟ السوريون إذ أمعن أكثرهم في المعاصي -على تفاوت درجاتها؟ هل ألوم العاصي؟ أم ألوم من سكت عن الإنكار؟
أنا على قناعة أن ما يجري حرب من الله تعالى قبل أن تكون من الناس...
ونرى شعوب العالم قد كثرت فيهم المصائب، يرسل الله إليهم جنده، زلازل... حرائق... سيول وطوفانات...
أليس هذا دليلًا ناصعًا على أن الأمر في جوهره ليس تسلط فلان على فلان، ولكنها عصا تأديب، ولكل أمة عصاها التي تناسبها؟!! وكيف أستغرب عندما أرى فئة من الناس مقيمة على معاصيها، الزنا والسرقة والغصب وقطيعة الرحم والرشا....، بل منهم من زادته الحرب إمعانًا في معاصيه، فهو يريد أن يحوز أكبر قدر من الدنيا قبل أن يموت...
عندما أرى هؤلاء كيف أستغرب؟ منذ الأزل وهناك فئة لا تفهم ولا تتوب ولا ترعوي، وتظل على ضلالها ولو جاءتها كل آية حتى ترى العذاب الأليم!!
وهؤلاء للأسف وكما هو معلوم، هم الأكثرية!!!
ومعاذ الله أن يساورني شك في أفعال الله وأقداره... فأنا على يقين -كما أتيقن وجودي- أن أفعال الله كلها خير لعباده مهما بدت لنا غير ذلك...
أخيرًا اقتنعت أن ما نعيشه هو الوضع الطبيعي، وأن سوانا غير طبيعي!!!
قد يبدو هذا مضحكًا، أو غريبًا ككلام فاقدي العقل، وقد يقول البعض قد فقدت عقلي من الشدائد فأنا أهذي!!!
هناك أمر خفي... عندما يبين ويلخص الله تعالى الحياة الدنيا لنا بقوله سبحانه: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) [الذاريات، آية 56]، وأعلم أن هذا يستلزم المسارعة إلى الخيرات –بمعناها الواسع- ويعني تذكر الآخرة والاستعداد لها...
ثم أرى أن ما يجري جعلنا نعيش هذه الحقيقة...، ونعود لعلاقتنا الطبيعية مع الله ومع الكون، كيف لا أقول: إن حالنا هو الطبيعي؟
كيف تكون غفلة غيرنا عن الآخرة، وجهلهم بحقيقة وجودهم في هذه الدنيا، والتهائهم بزخارفها إلى حد السكر، أمرًا طبيعيًا؟؟
قد يقال لي: نسأل الله تعالى أن يعافينا من البلاء...، وأن يجعلنا نعود إليه بلطائف الإحسان...، وهل خراب الدول طبيعي، وكيف يعيش الناس؟ وكيف يبنون الدنيا، ويطيعون الله ببنائها إذن؟
وجوابي: عندما تتعارض المفاسد، تدرأ المفسدة الأكبر بفعل المفسدة الأقل...، ومفسدة خراب الآخرة أعظم بكثير من مفسدة خراب الدنيا...، وحيث لم يفهم الناس بالإمهال والإحسان، كان من مصلحتهم ولحب الله لهم، أن يصلح آخرة أصحاب النفوس الطيبة منهم بعصا التأديب والمحن!!! أما أهل الضلال، فهنيئًا لهم الهلاك...، قد أراح الله تعالى الدنيا منهم!!
لا أقول إن ما يجري من جرائم صواب، ولا ضير أن ننظر إليه ببرود، وألا نتحرك استسلامًا لقدر الله...، ولكني أقول إن عاقبته لنا خير...، وحيث كان الأمر كذلك فالألم يهون، والحزن يخبو، وما هي إلا أيام ويوفى فيها الصابرون أجرهم بغير حساب...
وبعد هذه الأسطر الموقنة المُسَلِّمة... أعود فأقول بلسان الإنسان الضعيف:
من فضلكم أخبروني: هل ما يجري حقيقة، أم كابوس لا وجود له إلا في أحلامي؟!!!
هل يمكن أن يجري في الحقيقة مثل هذا؟؟
الصراحة: العقل لم تعد لديه قدرة على استيعاب مستوى الشر الواقع... ولا أظن أني سأرى في الكوابيس مثل هذا شدة ورعبًا!!!
فحسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون...
واقرأ أيضاً:
العبادة في الهرج / عندما عتب العيد / في هذه اللحظة / الكفالة الربانية للشام.. / ساعات مع الشمعة