مجتمعاتنا التي تقول بأنها تسعى إلى بناء أنظمة ديمقراطية، قد أمسكت بالديمقراطية من ذيلها، ونسيت بأن لها رأسا وعقلا ورؤى وبرامج وآليات، وإن جوهرها الاقتصاد. فلا ديمقراطية إذا كانت البطالة فائقة والفقر شديد، والحاجات ناقصة والعناء الإنساني متعاظم.
فالديمقراطية سلوك اقتصادي أولا، فالحرية بحاجة إلى اقتصاد قوي، والتعبير عن الإرادة الإنسانية لا يكون صائبا إلا عندما يبني المجتمع اقتصادا قويا. لكن السائد في مجتمعاتنا التي غيرت أنظمتها، أن الديمقراطية عبارة عن تظاهرات واعتصامات وحسب، وهذا بحد ذاته يدل على أن الناس تعيش حالة من البطالة مما يجعلها تعتصم أو تحتشد، لكي تشعر بأنها تفعل شيئا ما.
فالبشر لا يمكنه أن يمضي أيامه عاطلا بلا عمل وإنتاج، ومعظم ما يجري سببه فقدان قيمة العمل، وتأثيره في صناعة الحياة الأفضل. فالذي يعمل لا يمكنه أن يوفر لقمة العيش، ويصعب عليه تماما، أن يتمتع بمعطيات الحياة، التي تزداد تدفقا وتطورا وإثراءً، ولهذا يميل إلى سلوكيات الفساد، وهذا ما نراه في هذه المجتمعات، حيث ترافقت ديمقراطياتها بزيادة كبيرة بالفساد.
والحلّ أن تمسك الديمقراطية من رأسها، وتدرك بأنها مسؤولية فردية وجماعية ووطنية، وكل مواطن يتحمل دوره ويؤدي واجبه بإتقان، لكي ينمو الاقتصاد ويتعزز الوعي بالحرية، ويسعد الجميع بقوانينها وأنظمة حكمها.
أما أن تحسب على أنها حشود واعتصامات ومطالبات، وإسقاط حكومات، فهذا ليس من جوهر الديمقراطية، وإنما ربما تعبير عن الجهل بها، والابتعاد عن أهدافها ومعانيها، والانحدار بالمجتمع إلى هاوية الصراعات، والوطن إلى مأزق التفتت والضياع والانقسامات، فعلينا بمعرفة رأس الديمقراطية وترك ذيلها، لكي تتحقق الأهداف والغايات!!
واقرأ أيضاً:
الرعيب العربي!! / الرسوب الديمقراطي!! / تكريسُ المُكّرَس!! / سمسم الديمقراطية!!