سيادة الفريق السيسي: أرجوك لا تترشح للرئاسة
على الرغم من الأصوات الكثيرة التي تطالبك بالترشح لمنصب الرئاسة بعضها بدافع من الحب والتقدير لك ولدورك، وبعضها بدافع الرغبة في الحفاظ على الاستقرار، وبعضها بدافع الانبهار بالكاريزما الشخصية، وبعضها بدافع تقدير مواقفك ومواقف الجيش، وبعضها بدافع التسلق على أكتافك لسلطة لا يستطيع الوصول إليها بأصوات الجماهير، وبعضها نكاية في التيار الديني الذي يعاديه. كل هؤلاء لهم دوافعهم ولهم منطقهم ولهم حقهم في المناداة بترشيحك، ولكن إحكام العقل وقراءة الواقع السياسي المحلي والدولي وقراءة الخريطة النفسية للمجتمع تجعل من الحكمة عدم الترشح، وإليك بعض الأسباب الداعية إلى ذلك:
على الرغم من الأصوات الكثيرة التي تطالبك بالترشح لمنصب الرئاسة بعضها بدافع من الحب والتقدير لك ولدورك، وبعضها بدافع الرغبة في الحفاظ على الاستقرار، وبعضها بدافع الانبهار بالكاريزما الشخصية، وبعضها بدافع تقدير مواقفك ومواقف الجيش، وبعضها بدافع التسلق على أكتافك لسلطة لا يستطيع الوصول إليها بأصوات الجماهير، وبعضها نكاية في التيار الديني الذي يعاديه. كل هؤلاء لهم دوافعهم ولهم منطقهم ولهم حقهم في المناداة بترشيحك، ولكن إحكام العقل وقراءة الواقع السياسي المحلي والدولي وقراءة الخريطة النفسية للمجتمع تجعل من الحكمة عدم الترشح، وإليك بعض الأسباب الداعية إلى ذلك:
1- المناخ العالمي والمحلي لم يعد يتقبل التوجهات العسكرية في الحكم حتى لو اتخذت شكلا مدنيا، وإذا كان البعض يستشهد بنجاح شارل ديجول وإيزنهاور وغيرهم من الشخصيات العسكرية في قيادة بلادهم فإن ذلك كان في مرحلة تاريخية انتهت وتغيرت معها الأحوال.
2- المجال السياسي في مصر مضطرب جدا في الوقت الحالي وأي رئيس سيواجه مشكلات هائلة وسيتعرض لانتقادات لاذعة مهما فعل وهذا يسجعلك تخسر الكثير مما اكتسبته من شعبية وهيبة لدى مؤيديك وتنزل من مستوى الزعيم الشعبي لديهم إلى مستوى الموظف الرئاسي الذي ينتقده الناس والإعلام ليل نهار ويطالبونه بتحقيق المعجزات وحل كل المشكلات.
3- هناك تيار إسلام سياسي لا يستهان بثقله (رغم أخطائه وتشويهه) ويتعاطف معه تيار ديني أوسع نطاقا لا يتفق معك بل ربما يعاديك، وهذا التيار لم تستطع احتواءه حتى الآن وربما لا تستطيع ذلك في المستقبل القريب أو البعيد، ومن المتوقع أن هذا التيار سيشكل نوعا من المعارضة العدائية لك طول الوقت وربما يتورط بوعي أو بغير وعي في ممارسة المكايدة السياسية لحكمك كنوع من الثأر والانتقام السياسي.
4- هناك قوى دولية عديدة لا تتوافق معك فيما حدث في 3 يوليو (بصرف النظر عن صحة رؤيتها أو خطئها)، وهذه القوى ستؤثر حتما في قدرتك على التعامل مع المجتمع الدولي لفترة ليست بالقصيرة، وربما يسعون لوضع العراقيل في طريقك أو القضاء عليك (إذا استطاعوا) كما فعلوا مع عبد الناصر.
5- سيتأكد لبعض القوى المحلية والدولية ما كانت تعتقده من أن ماحدث كان هدفه الوصول إلى السلطة وبالتالي تترجح فكرة الانقلاب على فكرة الثورة.
6- ستمثل للجماهير المنبهرة بك رمزا للزعيم الملهم والمخلص وبالتالي يلقون عليك بعبء تحقيق أحلامهم دون أن يبذلوا هم جهدا حقيقيا وهذا لن يكون في صالحهم أو في صالحك أو في صالح مصر، إذ سيعود بنا إلى علاقة الشعب "الطفل" بالزعيم "الأب"، ونكرر مأساة الحقبة الناصرية، ونبتعد عن فكرة الدولة المؤسساتية. والشعب المصري للأسف لديه رغبة دفينة في صناعة زعيم أب قادر ومخلص يركنون إليه ويطمئنون إلى قدراته الخارقة في حل مشكلاتهم وتوفير احتياجاتهم.
7- قد تواجهك مصاعب في السيطرة على التيارات المعادية لك فتضطر للجوء لقانون الطوارئ أغلب الوقت ولإجراءات استثنائية ولتعظيم وتضخيم الحلول الأمنية مما ينتج عنه تضخم المؤسسة الأمنية وتغولها ويعيدنا ذلك إلى مشكلات حكم مبارك. وربما تجد نفسك دون أن تدري أو تريد متجها نحو حكم استبدادي تحت وطأة الحاجة للتحكم والسيطرة في النزاعات والإنشقاقات والعداوات، وستغريك القوة الشرطية المتضخمة والقوة العسكرية الهائلة، وسيغضبك عناد مناوئيك وبغضهم واستفزازاتهم.
8- مصر تحتاج في الوقت الحالي لقيادة سياسية تستطيع التعامل مع كافة تيارات المجتمع وليس لديها ثأر مع أي من قوى المجتمع لكي تستطيع تحقيق الالتئام المجتمعي بعد ما حدث من انقسامات وتشرخات، وهذا يستدعي مرونة شديدة وقدرة على استيعاب التناقضات ووجهات النظر المتعددة وهذا ربما لا يتيسر لقيادة عسكرية لديها مشكلات كبيرة مع تيار متجذر ومنتشر في النسيج المصري (رغم رفض قطاعات واسعة من الشعب لبعض فصائله في الوقت الحالي) وتميل إلى القرارات السيادية والحسم السلطوي.
9- هناك استحقاقات مؤجلة للثورة الأم "ثورة 25 يناير"، وتحقيقها يحتاج لشخص صاحب عقيدة ثورية تتجاوب مع طموحات الشباب الذين قادوا الثورة وأشعلوا فتيلها ولمن خرجوا من الشعب المصري وأيدوها.
وقد تكون ثمة مخاوف من الابتعاد عن بؤرة السلطة سواء في شكلها الرئاسي أو في منصب وزير الدفاع مما يجعلك عرضة لردود فعل انتقامية من قوى متربصة بك وملاحقة لك، وهذا صحيح، إذ أنك الآن ونتيجة للأحداث التي مرت بها مصر أصبحت محبوبا لدرجة الانبهار لدى طوائف كثيرة من الشعب المصري (يعلقون صورك في بيوتهم ومحلاتهم وعلى سياراتهم)، وأيضا تمثل هدفا (مطلوب القصاص منه في أي وقت) لتيارات دينية ترى أنك أجهضت حلمهاا ومشروعها. وأعتقد أن هذه المعضلة ربما تحل بشكل عملي حين يتضح للجميع أنك لم تكن بما فعلته طامعا في سلطة أو طامحا إلى مجد شخصي أو معاديا لتيار بعينه، وإنما فعلته انحيازا لإرادة شعبية رأيتها تمثل الغالبيةة وخروجا من أزمة كادت تعرض البلاد لانقسامات على أساس ديني وحرب أهلية.
وأمامك نموذج ساطع جدا وهو نموذج "سوار الذهب" في السودان، ولكنك ستختلف عن سوار الذهب بأن لا تسلم السلطة لقيادة دكتاتورية وإنما تنفذ خريطة المستقبل التي تنتهي بترسيخ المؤسسات الدستورية التي تضمن بناء دولة ديموقراطية مدنية حديثة، ولو حدث ذلك فأعتقد أن محبيك سيزدادون اقتناعا بك ودفاعا عنك، وأن معاديك ربما يتفهمون ما حدث بشكل أفضل أو تقل عداوتهم مع الوقت حين يجدون أنفسهم يعيشون أجواء ديموقراطيةة ساهمت أنت بتهيئتها للجميع دون أطماع شخصية لك، وهذا يرفعك إلى مقام أفضل من مقام وظيفة الرئاسة.
وقد يساورك القلق على مصير المؤسسة العسكرية في حالة انتخاب رئيس مدني خاصة لو كان متعاطفا مع تيار الإسلام السياسي، وربما يوحي لك بعض مستشاريك بمحاولة تحصين منصب وزير الدفاع أو تحصين المؤسسة العسكرية ضد إرادة أي حكومة وأي رئيس قادم (منتخب من الشعب)، وهذا خطأ كبير إذ أن أي مواد لها صفة الشخصنة في الدستور أو لها صفة المكانة الاستثنائية لأي مؤسسة (فوق إرادة الشعب) تطيح باحترام الدستور ومكانتهه وتجعله دستورا معيبا، كما أنه لا يخفى عليكم أن قوة المؤسسة العسكرية خاصة في بلادنا لا تخفى على أحد، وأي رئيس مهما كانت شعبيته يعمل لها ألف حساب، وأن الجيش حتى بدون مواد استثنائية في الدستور يقوم بدورهه في حماية وحدة البلاد وأمنها القومي في الظروف الصعبة حتى ولو كان الرئيس ابن المؤسسة العسكرية مثل مبارك.
السيد الفريق السيسي، أتمنى أن لا تلتفت إلى إغواءات الجماهير المحبة أو المنبهرة أو الخائفة أو المتطلعة أو المكايدة، وأن لا تلتفت إلى نداءات "كمل جميلك" وأن لا تتورط في دور الزعيم الملهم والقائد المخلص في زمن لم يعد يناسبه هذه المفاهيم، وأن لا تغريك ملايين التوقيعات التي يجمعونها، وأن تسعى فيما تبقى من شهور في استكمال المؤسسات الدستورية بحيدة ونزاهة لكي نصل في نهايتها إلى دولة ديموقراطية مدنية حديثة، وأن تتذكرر جزءا هاما ومنسيا من خارطة المستقبل التي أعلنتها وهو المصالحة الوطنية، وهي ممكنة فعلا على الرغم من الصعوبات القائمة والاستفزازات المتكررة، وأن لا تعوق هذه المصالحة أصوات المتطرفين من هنا أو هناك، ولو كنت مكانك لما ترددت في الاعتذار لأهالي من قتلوا في أحداث الحرس الجمهوري ورابعة والنهضة حيث كان يمكن بشيء من التعقل والتفكير السليم وضبط النفس تجنب إزهاق ذلك العدد من الأرواح (مهما كان الاختلاف معهم)، وليكن ذلك الاعتذار النبيل وما يليه من تعويض مادي أو معنوي لأهليهم بداية للتوافق الوطني الذي يعوقه ويعطله –كما ذكرنا- المتطرفون من الجانبين. وحفظ الله مصر من كل سوء.
واقرأ أيضاً:
التعليق: د. محمد المهدي حضرتك بتتكلم عن السيسي وكأنه ملاك بريء نازل من السماء ... وكأنه لم يخطط للانقلاب لكي يستولي على السلطة ... وكأنه أنقذ مصر فعلاً !!! بينما هو تسبب بانقلابه الدموي في تعميق الخلافات وتقسيم الشعب المصري إلى شعبين يقتل أحدهما الآخر دون أن يطرف له جفن !!!
شكلك يا دكتور من المنبهرين بالسيسي ... ولا حول ولا قوة الا بالله