حقق العرب أكبر هزيمة معاصرة، وهم يرفعون شعارات ورايات الديمقراطية.
كما حوّلوا الديمقراطية إلى وسيلة اندحار وتفاعل فتاك ما بين أبناء الشعب الواحد، بل أنهم جعلوها تقاتل الدين والوطن والإنسان والجيش.
فالديمقراطيات العربية قضت على جيوشها بالكامل، وما بقي عندها إلا الجيش المصري، الذي يتم أخذه إلى دروب الصراع مع الفئات، التي تم إعدادها وتدريبها وتسليحها لمواجهته، ودفعه في أنفاق الاستنزاف والإنهاك والتفتت والتمزق. فالمجتمعات التي تقتل جيوشها، مجتمعات مهزومة ومستعمرة من قبل الآخرين الذين يمدون أعداء الجيش بالسلاح.
وعندما تهزم الشعوب جيوشها، فإنها تحقق هزيمة وطنية مرعبة لا تتشافى منها، وتتوارثها الأجيال تباعا، لأن الهزيمة الوطنية المتحققة بإرادة أبناء الوطن تكون أليمة وسرطانية المغزى والاتجاه، وهذا يدفع إلى صراع ذاتي في أعماق الإنسان، وشعور أليم بتأنيب الضمير، يحطم فيه بقايا أية إرادة للحياة.
وبمعنى آخر، أن الشعوب التي تقاتل جيوشها، تنتحر حضاريا وتنتهي كقوة وإرادة، وتتحول إلى سلعة رخيصة في أسواق المزايدات الحضارية.
وهذا واضح في بعض مجتمعاتنا التي قتلت جيوشها، فصارت ألعوبة وأضحوكة عند الآخرين، الذين أحرقوا كل وجود صالح فيها، وحولوها إلى دمية في أيديهم، يتحكمون بمصير حكوماتها المؤيَّدة بهم، والمقهورة بهم، أي أنها صارت مجتمعات لا حول ولا قوة لها، إلا الاستسلام للآخرين والتظاهر بأنها ذات سيادة.
وتعرف جيدا أن في كل مؤسسة ودائرة هناك عيون قاهرة لإرادتها، ومقررة لكل خطوة وفعل واتجاه يمكنها أن تسلكه.
ولهذا فإن مجتمعاتنا قد انهزمت هزيمة كبيرة، وتحولت إلى طاقات تدميرية شرسة متوحشة لذاتها وموضوعها، وهي تعيش زمن العماء الوطني والديني والإنساني، وبهذا يتم تسخيرها بكل ما فيها لتحقيق مصالح الآخرين، والقيام بدور الضحية والقربان، ولكن باسم الحرية والديمقراطية.
فهنيئا لديمقراطياتنا الانهزامية، وعاش العرب ضد بعضهم، فهو البرهان والمطلوب إثباته أبدا!!
واقرأ أيضاً:
نهر الحرية الدفاق!! / أفكار حصان!! / مفاهيمنا العتيقة!! / الديمقراطية في العمل!! / العملية الديمقراطية!!