لا نعلق على القرار من حيث هو صائب أم غير صائب, ولكن من حيث الشكل فهو لم يصدر بحكم قضائي وأيضا لم يصدر عن مجلس شعب منتخب, بل صدر عن مجلس وزراء يدير مرحلة انتقالية وينفذ خارطة المستقبل التي أعلن عنها في 3 يوليو وله مهام محددة يقوم على تنفيذها وليس من بينها قرار من هذا النوع يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الصراعات والمواجهات, بل ان خارطة المستقبل كان من ضمنها العمل على تحقيق التصالح والوفاق الوطني بين كافة الأطراف.
من ناحية الدوافع لصدور القرار يبدو أنه صدر في حالة انفعال استجابة لحالة من الإستفزاز القصوى ناتجة من الأحداث في الشارع والجامعات والتفجيرات المختلفة وأحداث العنف في سيناء. وربما يكون القرار نوع من الثأر الأيديولوجي للتيارات العلمانية واليسارية والليبرالية التي تكره الإخوان وتضفي عليهم كل الصفات السلبية والشيطانية, ويساعد على ذلك أخطاء ارتكبها الإخوان والتقطتها الآلة الإعلامية فخلقت حالة من الغضب والرفض الشعبي لما يحدث منهم خاصة مع خطابات التحريض والشحن من منابر فكرية متصارعة طول الوقت, ووجود عدد لا بأس به من كارهي الإخوان في مطبخ صنع القرار, والوصول إلى حالة من اليأس من إمكانية التحاور مع الإخوان أو إقناعهم بقبول الأمر الواقع والتعاطي مع المتغيرات الجديدة.
أما التداعيات فيمكن تلخيصها في التالي:
٠ سيجد الإخوان أنفسهم محاصرين تماما وظهرهم للحائط وتقل الخيارات المتاحة أمامهم بحيث تنحصر في خيارين الأول أن يعودوا مرة أخرى للعمل السري انتظارا للحظة مناسبة للظهور, الثاني أن يصعدوا في مواجهاتهم ويزدادوا عنفا وأن يفلت الزمام من القيادة ويندفع الشباب في مواجهات خطرة أو تخرج من بينهم مجموعات صغيرة تتبنى خيارات مسلحة وتكفيرية وهذا هو الإحتمال الأقرب خاصة مع ما يبدو من تعليقاتهم على المواقع الإلكترونية المختلفة حيث يتسم خطابهم بالغضب والإنفعال والعدوانية.
٠ سيصبح هذا القرار وصمة تلاحق كل إخواني (من الناحية القانونية والإجتماعية), والوصمة لا تصلح من سلوك الشخص بل هي توحي للشخص أن يتصرف طبقا لما وصم به وتضعه دائما في الإطار السلبي.
٠ ستنشأ مشكلات عديدة عند القيام بتطبيق القانون حيث لا يتوقع أن يتنازل هؤلاء الناس عن انتمائهم للإخوان بهذه السهولة, خاصة وأنهم تربوا على هذه العقيدة وهذا الإنتماء منذ الصغر ونشأ عن ذلك علاقات وارتباطات عديدة وقوية, فتكون النتيجة أن يتم فصل أعداد كبيرة من وظائفهم – طبقا للقرار- وقطع مصدر رزقهم وتشريدهم.
٠ ربما يعطي القرار ضوءا أخضر لعموم الناس كي يتعاملوا بعنف مع الإخوان كأفراد وجماعة فيقومون بالعدوان عليهم لفظيا أو جسديا وربما يهاجمون محلاتهم ومؤسساتهم وشركاتهم وبيوتهم, وقد حدث فعلا شئ من هذا, وقد يطالبون برحيلهم من مدنهم وقراهم, ونصل إلى حالة من التعامل العنصري والتطهير العرقي.
٠ قد تحدث ردود فعل عنيفة من الإخوان دفاعا عن وجودهم وعن كيانهم وممتلكاتهم فيحملوا السلاح ويكون ذلك بداية لمزيد من الصراعات المسلحة وربما الحرب الأهلية.
٠ وقد تجد السلطة نفسها مضطرة للإستمرار في المواجهة والملاحقة لعناصر الإخوان فتزداد أعداد القتلى في المواجهات ويزداد أعداد المعتقلين في السجون مما يشكل ثمنا سياسيا باهظا قد يصعب تحمله داخليا وخارجيا.
٠ وبالتأكيد لن تكون النتيجة كما تمناها من أصدروا القرار بمعنى أن جماعة الإخوان لن تختفي بهذا القرار الإداري لسبب بسيط جدا وهو أن الجماعات الفكرية والعقائدية على مر التاريخ لم تنجح طرق تفكيكها بهذه الطريقة, بل ان تلك الجماعات تقوى وتتجذر مع مثل تلك الإجراءات, بل وتوظفها لصالحها وتستفيد منها.
٠ قد تمتد آثار القرار لبعض الجمعيات الدعوية والخيرية مثل الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة وغيرها ممايؤثر على نشاط تلك الجمعيات ويعطي إيحاءا بوجود توجه سلبي نحو تلك الأنشطة الدعوية والخيرية, خاصة بعد إيقاف القنوات الدينية.
٠ ستكون للقرار تداعيات على المستوى الدولي حيث توجد أعداد من جماعة الإخوان في دول كثيرة ولهم مشاريعهم وتأثيرهم وعلاقاتهم, كما أن بعض الدول المؤثرة كأمريكا سترى في هذا القرار تأثيرا سلبيا على استقرار الأوضاع في مصر.
٠ سيطلق هذا القرار يد أجهزة الأمن في التعامل مع كل من يعتقدون أو يظنون أنه منتم للإخوان ونعود مرة أخرى إلى حالة التوحش الأمني الذي أشعل ثورة 25 يناير.
٠ وإجمالا سيساهم هذا القرار في صناعة الإرهاب وإنتاج مزيد من الإرهابيين الهواة والمحترفين.
وأخيرا فإن توقيت صدور هذا القرار لم يكن موفقا خاصة مع قرب عرض الدستور للإستفتاء ثم الحاجة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لاستكمال المؤسسات الدستورية كي يستقر المجتمع. وكان من الممكن مواجهة الأحداث والتجاوزات في الجامعات وفي الشارع من خلال القوانين العادية التي تتعامل مع أي مخطئ أو متجاوز (أيا كان انتماؤه) بالقانون والعدل دون النظر إلى أي اعتبارات أو تسميات.
فهل مازال ثمة أمل في أن يستدرك الحكماء هذا القرار وتداعياته, أم أن الوقت قد فات وعلينا أن نتحمل كل هذه التبعات السابق ذكرها.
واقرأ أيضاً:
التعليق: ليس صدور القرار انفعالا ولا ثأرا، أصبح الأمر واضحا ومكشوفا... جماعة إسلامية تلو أخرى تتهم بأنها إرهابية على المستوى العالمي، للقضاء عليها كخطوة للقضاء على الإسلام، فلا يهم من هو الذي قام بقراءة القرار الذي أملي عليه من رؤوس الماسون في العالم، ولا بأي شكل خرج!
هناك حركة سمجة ومعروفة للقضاء على التنظيمات الإسلامية: يتم إرخاء الحبل لهم، والسماح لهم بالظهور بكل حرية، حتى إذا انكشفوا وتركوا العمل السري، قاموا بكنسهم جميعا وقص رقابهم بسهولة دون عناء التفتيش عنهم مختفين. حصل هذا مع الأخوان في الأردن منذ عشرين سنة.
ردات فعل الشباب الغاضبة ستكون دليلا على اتصافهم بالإرهاب وحجة مقنعة لمتابعة إبادتهم، وهكذا يتم التخلص من جيل الشباب الواعي لتعاد الكرة بعد أن يشب الأطفال وتستعيد الجماعات نشاطا سريا ناجحا!
وإن بقي الشباب وقاداتهم الذين يحلمون بالكراسي لا يقرؤون التاريخ، فلا ترج أن يسلموا فضلا عن أن يغنموا!!