يونس هو النبي الذي التقمه الحوت ومكث في بطنه لحين، وبعد أن لفظه صار عليه شجر من يقطين، ومقامه أو قبره موجود في مدينة الموصل (نينوى) العراقية. وبين يونس وتونس علاقة لفظية، فياء يونس تحولت إلى تاء تونس.
واسم تونس له أصول متنوعة، ومنها أن المسلمين عندما عبروا بين مصر وبلاد المغرب العربي مروا خلال صحراء شمال أفريقيا الشاسعة، وعندما وصلوا أرضا خضراء، أنِسوا بها، أو تونّسوا فيها، وكأنها كانت محطة للتوقف والاستراحة.
وربما تكون من الأنس أي قضاء الليلة ببهجة، والبعض يرى أنها سميت تونس من وصف شعبها والوافدين إليها بما عرفوا به من طيب المعاشرة وكرم الضيافة وحسن الوفادة. وهناك مَن يرى أنها مشتقة من، ترشيش، تينس، تونيزا، تونسوري، تنسوت، وغيرها من الأصول القديمة.
وتونس الدولة العربية الرائدة بأفكارها وتطلعاتها ورؤيتها الحضارية، مكثت في بطن حوت الثورات العربية وإراداتها الديمقراطية، فكانت أول الذين ابتلعهم، ومضت تبحث عن منفذ ووسيلة تنجيها من إنزيمات الهضم والإتلاف المتدفقة من معدة الحوت، ونأمل أن تجد يقطين صيرورتها الأمثل.
ويبدو أن تونس قد وجدت نفسها بعد مخاضات وتفاعلات عسيرة على شواطئ الوعي الديمقراطي، والإدراك الحضاري، وراحت تؤهل نفسها لتقديم المَثل والقدوة لأمتها المضطربة المسيرة وسط أمواج بحر الديمقراطية الهائج.
وربما ستسبق مصر في صناعة النموذج الديمقراطي الصالح للعرب أجمعين. فتونس قلب العروبة المشرق الذي يرسل أشعة اليقظة والانطلاق المعاصر، لتنير دياجير مسيرات الأيام الحالكة في أرجاء مجتمعاتنا، وتمنحنا الدليل الواضح الذي يعلمنا أين نضع خطواتنا، وكيفيات تحديد اتجاهاتنا، للوصول إلى أهدافنا الإنسانية.
تونس الدولة العربية الوحيدة الخضراء، مما جعلها الدولة الأولى ذات القدرة على تنمية براعم الصيرورات الإنسانية العظمى.
ومنذ أول عهدها بالاستقلال والأفكار الراجحة تتدفق من ينابيعها الثورية، والحلول الصالحة تنطلق من عقول قادتها، ولا تزال صرخة شاعرها أبو القاسم الشابي مدوية في أعماق الإنسان العربي عبر الأجيال، "إذا الشعب يوما أراد الحياة...فلا بد أن يستجيب القدر"، والتي تمكن العرب من التعبير عنها بعد أكثر من ثمانية عقود، ولا يزالون في محاولاتهم للارتقاء إلى معانيها ودلالاتها الوطنية الصالحة للنماء.
نتمنى لتونس الأمن والأمان والسلامة والتقدم والرخاء، ونحن بانتظار نموذجها الديمقراطي، فهي القدوة العربية الساطعة!!
واقرأ أيضاً:
مفاهيمنا العتيقة!! / الديمقراطية في العمل!! / العملية الديمقراطية!! / الهزيمة الديمقراطية!!
التعليق: اللهم يسر لنا طريق الخلاص