الكيان الصهيوني قلق من اتساع حجم المقاطعة وفرض العقوبات عليه، حيث عبَّر عن هذا القلق من خلال تصريحاته، وشكَّل وزارة خاصة لمواجهة هذه الحملة وملاحقة الداعين لها حتى لو لزم الأمر محاكمتهم أو اغتيالهم، كما خصَّص مليارات الدولارات من أجل إفشالها، باعتبار أن المقاطعة وفرض العقوبات هو شكل من أشكال المواجهة والصراع الدائر، ومن مميزاتها اقتناع العالم والقوى المحبة للسلام والاستقرار الدولي بعدالة النضال الفلسطيني وحقوقه الشرعية والتاريخية والسياسية.
حملة المقاطعة للكيان الصهيوني تتوسع وتمتد على مستوى العالم؛ فهي تتسع في أوروبا والأمريكيتين وباقي بقاع العالم، وقد عبَّرت حكومة كندا عن رغبتها سن قوانين لتجريم الداعين لحملة المقاطعة بهذه الدولة ومحاكمتهم، هذا تسعى له الحركة الصهيونية بالبرازيل أيضاً، حيث استنفرت وكرَّست كل طاقاتها من خلال الكونفدرالية والفيدراليات الإسرائيلية، وتسعى من أجل تشريع قرارات تجريم من يدعو إلى مقاطعة الكيان الصهيوني، وتشريع منع القيام بنشاطات ضد الكيان أيضاً.
الأحداث التي شهدتها البرازيل خلال هذا العام على إثر مسيرة الحزب الشيوعي البرازيلي خلال شهر شباط وجامعة سانتا ماريا الفيدرالية، جاءت لتؤكد على حالة القلق ليس عند الكيان الصهيوني وإنما عند الحركة الصهيونية البرازيلية، مما أدى إلى استنفار المؤسسات الإسرائيلية والصهيونية لمواجهة حملة المقاطعة وفرض العقوبات على الكيان الصهيوني، حيث اعتبار جرائم الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وتشبيه الصهيونية بالنازية، حيث تم اعتباره من قِبلهم معاداة للسامية، وتشويهها للحقائق، يدعون أن أي موقف معادي للصهيونية وكيانها هو معادي لليهود.
الكيان الصهيوني ليس نظام جنوب أفريقيا السابق، رغم التشابه بالسياسة العنصرية و(الأبرتهايد)، إلا أن الكيان الصهيوني، الذي هو بطبيعته مشروعاً صهيونياً تم إقراره بمؤتمرات الحركة الصهيونية، قائماً على سياسة التطهير العرقي، والجرائم المتواصلة، ومتنكرا للوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، ويعتمد على الإدعاءات التوراتية، يستند على الحركة الصهيونية التي لها إمتداداتها ونفوذها وقدراتها وإمكانياتها المادية والإعلامية وتحالفاتها وتأثيراتها على الصعيد الدولي، التي ستُسخرها من أجل الدفاع عن هذا الكيان، التي تجعل حملة المقاطعة ومن يُشارك بها أمام تحديات ومسؤوليات كبيرة.
ستُمارس الحركة الصهيونية العالمية من خلال نفوذها التأثير على قرارات الدول، لمنع انتشار واتساع حملة المقاطعة ضد الكيان، وستضغط باتجاه عقد إتفاقيات وتطوير العلاقات الاقتصادية بين الكيان وهذه الدول والحكومات، حيث أن أفراداً وقيادات تنتمي إلى الحركة الصهيونية تُشكل جزءً من حكومات العديد من الدول بحكم أن العديد من عناصرها يُشكلون جزءً من هذا المجتمع، وعلاقاتها مع الكيان من خلال المشروع الصهيوني وقرارات مؤتمرات الحركة، وهذه الحالة واضحة بالبرازيل كالشمس على كل المستويات الحكومية، حيث تنشط الحركة الصهيونية وسفارة الكيان من أجل بناء علاقات تجارية وتعزيزها على كل المستويات والمجالات.
حملة المقاطعة للكيان الصهيوني، ستكون أمام تحديات ومسؤوليات كبيرة، بحاجة إلى إنخراط القوى والمؤسسات المتضامنة والمناصرة للحقوق الفلسطينية كافة، بكل المواقع والمحطات، وضرورة توسيع رقعة المواجهة، وتكليف الكيان الصهيوني وحركته المزيد من الخسائر وضرورة استنزافها قدر الإمكان مع التأكيد على الفصل بين اليهودي والصهيوني وكيانه، فالمواجهة مع الكيان الصهيوني الذي يرتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني يومياً.
وأهمية قطع الطريق على الحركة الصهيونية ومؤسساتها مستغلة بذلك العامل الديني واليهودي، معتبرين أن أي عداء (لإسرائيل) هو عداءً لليهود، وهذا يجب تفنيده من قِبل الحملة، فهم يقومون بالتقاط الصور للنشطاء والنشاطات ويسرقون الوثائق ويُزيفوها للمساس بحركة المقاطعة ونشطائها ومؤيديها كحال جامعة سانتا ماريا، ومسيرة الحزب الشيوعي البرازيلي، فهذا يفرض على كل النشطاء الحذر والانتباه إلى ألاعيب الصهيونية ومخابرات الكيان الصهيوني المنتشرة بالعالم للتصدي لهذه الحملة، فلا أحد يستبعد أن يقوموا بتصفية العديد من النشطاء أو الإساءة إلى الحملة من خلال زج العملاء والمشبوهين التي تهف إلى المساس بها، إن أهمية توعية المتعاطفين مع القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني على مستوى الحكومات ودعمها وتقوية مواقفها هي أيضاً من المهمات التي تقع على عاتق القائمين على حملة المقاطعة بمواجهة النفوذ والتأثير الصهيوني على هذه المستويات.
واقرأ أيضاً:
ما هو مستقبل الوطن العربي باستمرار الثورات القائمة؟