من مباهج الحياة في مصر أن تقرأ، أن تكتب، أن تبدع، أن تستمتع بالإبداع، أن تعمل ما تحب، أن تحب ما تعمل. أن تلعب بالفلوس! أن تولد باشا ولا تعمل على الإطلاق، أن تنجب الأطفال ممن تحب، أن تنجب وخلاص، أن تحصل على كيفك أيا كان! أن ترى الله، أن يرضى عنك الله، أن تَعْشَقَ، وأن تكون معشوقا، أن تعطي بيد وتأخذ بالأخرى، أن تأكل "كويس"، أن تسكن على النيل، أن تجلس إلى النيل، أن تدخل سينما وأن تضحكك السينما، ثم أخيرا وليس آخرا أن تشرب الشاي!
ولا يحوز من مباهج الحياة في مصر إلا قلة من الناس والأغلبية محتجزون في الدرك الأسفل من المتعة: الشاي! وللمصريين مزاج في الشاي الحبر... الثقيل شديد السواد وشديد الحلاوة أيضا. حلاوة الشاي المصري تأتي من السكر الذي يكسر مرارته ويجعله مستساغا للشاربين!
يقولون القهوة خمر العرب لاحتوائها على مادة "الكافيين" المُنَبِّه العصبيّ المسئول عن تعديل المزاج وزيادة الانتباه ورفع مستوى الآداء البدني للجسم. أما الشاي فهو خمر عموم المصريين الذين يعتمدون عليه للحصول على الكافيين أيضا. ولا شاي بلا سكر، توأم ملتصق للأبد! إذا حذفت السكر تيتَّم الشاي. السكر فاكهة فقراء مصر وبهجتهم الصغيرة كيف تجرؤون على حرمانهم منها بهذه البساطة وكيف تتهاونون مع من يسلبون الغلبان ترياق غلبه؟!
واقرأ أيضًا:
تعتعة نفسية: العقاقير النفسية والأعراض الجانبية؟؟!!/ تعتعة نفسية: لا شكر على تسويق دواء جديد!!/ الطب النفسي الكيميائي
التعليق: تعقيبا على مقالتك الرائعة...
وكما أن الشاي خمر عموم المصريين، أيضا يعتبر الشاي خمر أهل الحجاز مع "روح النعناع الحجازي"
وبغض النظر عن وجود السكر من عدمه، فالشاي تعتبر فقدانه كفقدان صديق أو مادة ترفية اعتاد تواجدها المرء دوما؛ نظرا لقيمتها المعنوية التي تضيفها في حياته، فلو مضى يوم كامل بدون أن يشرب كأسا من الشاي تجده (متنكد) أي: مضطرب ومتعكر المزاج وحزين .. كونه لم يتذوق نكهة الترفيه والشغف التي تضيفها له الشاي في حياته،
ولكم أن تروا كيف لا يخلو مجالس الأسرة والأصدقاء من مشروب الشاي والذي لا يمكن أن يطيب المجلس ويعم روح الأنس -أي: (الوناسة بلهجة العامية) ما لم يكن مشاركا فيه ...
ولن يفهم أثر النكهة المعنوية التي تضيفها الشاي ما لم يكن متذوقا ومحبا لهذا المشروب.