المجتمعات العربية ممنوعة من الصرف، أي لا يمكنها أن تتحرك إلى الأمام ولن تقبل علامة الرفع، وإن أرادت فهي منصوبة والفاعل فيها وبها معروف ومتأسد عليها. فما هي الأهداف المرسومة لأي مجتمع؟ هل هي اقتصادية علمية سياسية عسكرية أم أنها بلا أهداف، ولا تعرف معنى الوطن والوطنية؟!
لا يوجد مجتمع عربي واحد لديه أهداف واضحة يُجمع عليها ويسخر طاقاته وقدراته من أجل إنجازها، بعكس مجتمعات الدنيا التي تسعى لتحقيق أهدافها المعلومة الواضحة. والسبب يعود إلى أن الوطن مبني للمجهول، ولا يمكن استحضاره في تفاعلات الناس، بل أن الوطن منفي ومنهي بجميع اللاءات العربية.
فأين الوطن وقيمته ومعناه وسيادته فيما يحصل في المجتمعات العربية؟
فتشوا عن الوطن فلن تجدوه!!
وأي دعوة وطنية مهما كانت فإنها ستواجَه بمقاومة عنيفة من قبل أبناء المجتمع المسخرين لتنفيذ مشاريع وبرامج الآخرين، ومعهم ينساق المجتمع إلى ميادين الويلات والأنين. فالأنظمة السياسية العربية الوطنية يتم الإجهاز عليها وتدميرها ووصفها بالمشين، والأمثلة تحققت في العراق وها هي تتأكد في مصر بنظامها الذي يبدو أن لديه أهداف واضحة ومشاريع واعدة، ويعمل على الارتقاء بمصر إلى حيث الدول المعاصرة، لتكون كالصين وماليزيا وأندونيسيا وباقي الدول التي تتحرك بكلها لإنجاز الأهداف المرسومة لأجيالها.
فالنظام المصري يُهاجَم ويُتهم وهو في وتيرة إنجازية غير مسبوقة في تأريخ العرب، ولو تواصل فإن مصر ستتحول إلى دولة تضاهي الدول الآسيوية المتطورة. فالواقع العربي لا يسمح بالسلوك الوطني وتهيمن عليه السلوكيات المقنعة بالدين، لأنها ضد الوطن والوطنية وتسعى للتبعية والطائفية وتعزيز التفاعلات الأصولية المدمرة للمجتمع. ومثلها فعلت الأحزاب القومية التي نسفت الثوابت الوطنية وزعزعت القيم القومية، وما أنجزت غير الخراب الدمارات المتواكبة والحروب المتوالدة.
ولا يمكن للمجتمعات أن تكون وتتحقق وتعاصر إذا فقدت أهدافها وانتفت غاياتها وبرامجها وتطلعاتها المستقبلية، واندحرت بأحزاب تسمى نفسها دينية وهي ظلامية بهتانية مناهضة للوجود الوطني، ومعادية لجوهر الحياة وقيمها وداعية للموت اللذائذي الواعد بما في الغيب البعيد.
وعليه فلا بد من وضوح الأهداف والتفاعل الجمعي الوطني لإنجازها، فهل لدينا القدرة على رؤية ما نريد؟!!
واقرأ أيضاً:
المصطلحات التفريقية!! / الصحافة واللاصحافة!! / كتابات ثأرية قيحية!! / خطيئة العلماء العرب!! / الهبوط على المريخ وعد انتخابي يا عرب!!