العرب يعيشون في ظل عصور السطوة، وليسوا في العصور الوسطى كما يظن الكثيرون ويكتبون ويحللون وينظرون. العرب يعيشون في القرن الحادي والعشرين يكل معطياته وتطلعاته، ويتنعمون بإرادة السطوة الفاعلة فيهم، فهم المنهوبون المسلوبون المنشغلون ببعضهم لكي يتحقق أعظم استحواذ على ثرواتهم وحقوقهم وما يمت بصلة إليهم.
فلكي تسطو على أية أمة، عليك أن توفر لها ما تتلهى به، لكي يخلو لك الدار وتفعل ما تشاء من الأعمال اللازمة للسطو الخلاق. ومن أفضل آليات التلهي والإشغال التي تجعل عمليات السطو حرة وآمنة، هو الدين المسيس، ولهذا صارت الأمة عبارة عن مقاطعات كل واحدة بعهدة عمامة، ومحكومة بآلية خفية وجلية لتمرير ما يحقق السطو المريح.
فالمجتمع العربي في معظمه وخصوصا الذي يتوطن أرضا غنية بالثروات ومصادر الطاقة، عبارة عن رقعة تتوزع عليها الأرقام وتنشغل ببعضها وتتخلى عن وطنها وتنهمك بالمحق الذاتي والموضوعي.
ويأتي في مقدمة الآليات النافعة للسطو، الطائفية والمذهبية والتفاعلات السلبية بأنواعها ما بين أبناء المجتمع، ووفقا لذلك يتحقق الاستثمار بالقبلية والعشائرية والحسب والنسب، وتصنيف المجتمع إلى طبقات بعضها الخواص وأكثرها العوام، والخواص هو المؤهلون لتنفيذ مشاريع السطو المريح، لأن العوام ما هم إلا قطيع يتبع الخواص، الذين تعمموا ولصّقوا اللحى وطرروا جباههم ليتظاهروا بما ليس فيهم، لكنه يساهم بامتلاء جيوبهم النهمة.
وعليه فإن ما هو قائم سيكون دائما لما يحققه من مكاسب ومعطيات تخدم مناهج ومشاريع السطو الذي ما عاد مسلحا، وإنما غانما وسالما لأن المفعول به صار أميرا وسيدا في القطيع الراتع، ويتوسل بالساطي ويتقرب إليه بالقرابين البشرية، لكي يتأمن سطوه ويضع في جيبه المهين بعض ما يريد، وبهذا يكون الهدف قد تحول إلى طاقة لتمزيق ذاته، وتحقيق أماني مستهدفه.
وهكذا تحولت الكراسي إلى أدوات للسطو المبارك من قبل أسياده، وأساطين مجاميعه المسلحة بالشرور والعدوان على حقوق الإنسان، وأصبح التواصل استنزافيا استعباديا امتهانيا وقهريا، ويتسلط فيه الطغيان على البلاد والعباد المقهورة بالتابعين الخانعين الفاسدين المقنعين بدين.
فهل من مُعينٍ ومَعين؟!!
واقرأ أيضاً:
ورق بلا سطور!! / التجديد والتشديد!! / التأخر خيار العرب وبعض المسلمين!!