يفخر أكلة الأمة والطامعون بإفنائها بأنهم قد وصلوا إلى ذروة النجاح في خططهم وبرامجهم الهادفة لتقطيعها إرباً إرباً، ووجدوا في لعبة الدين بمذاهبه وطوائفه غايتهم المنشودة فانطلقوا بتخريبها ابتداءً من القرن التاسع عشر، وبعدها تعلموا فأسسوا الأحزاب المؤدينة التي سفكت روح الأمة والدين، وتوالدت وتناصرَت وتعسكرَت وتسلطت حتى أحرقت الهوية الوطنية والقومية.
فديدن الأحزاب المؤدينة مقرون بفقه الغنيمة وعدم الاعتراف بالوطن ككيان سياسي وقوة ذات قيمة حضارية، وإنما تطلعاتها عولمية ورؤاها تضليلية بهتانية ماحقة. فهي تقول ما لا تفعل، وتنال من الواقع الديني والإنساني بموجب فتاوى ورؤى نابعة من فقه الغنيمة الذي تتمسك به وتعمل بموجبه فتنال من حقوق الآخرين وتعدهم بجنات النعيم، ولها نعيم الدنيا والآخرة معاً لأنها مخصوصة بهذه الحقوق من ربها الذي أوجدته على مقاسات أهوائها وأطماعها.
ويبدو أن الطائفية أمضى سلاح ضد وجود الأمة، ولهذا تحقق الاستثمار الفائق فيها وتعزيزها بقدرات مادية وعسكرية وسلطوية رسّخت دورها وتأثيرها وما تأتي به من تداعيات وانهيارات سلوكية قاسية، وفي مقدمتها الفساد المُشرعَن المؤّزر بالفتاوى والتبريرات العدوانية على الدين والحياة.
فالطائفية أسقطت القيم والأخلاق الاجتماعية، وحوّلت الناس إلى موجودات رقمية تحركها العمائم المستأثرة بما تسميه ديناً، فتعمل على إشاعة العماء والشقاء بين الناس لكي تقبض على مصيرهم وتتاجر بهم. كما أنها أوجدت حالات متطورة وراسخة من الاستعباد الفردي والجماعي الذي يصل في بعض حالاته إلى كونه سلوك طقوسي مقدّس، فيحقق استمرارية متنامية للتبعية واستلطاف الوجع والذل والهوان.
وهذا ما تعيشه وتشهده العديد من المجتمعات التي أجلست العمائم على الكراسي، وتوّجتها بمميزات إلهية أضفتها على بشر مشحون بالرغائب والدوافع الغريزية.
وتلك مصيبة أمة بدين، ودين بطائفيات تُهين!!
واقرأ أيضاً:
الرسالة والرصاصة!! \ العلم سينتصر والكورونا ستنهزم \ الإسلام سبب تخلفنا