التخلف تهمة التصقت بأمة العرب والمسلمين، وهي من إنتاج وتسويق المستشرقين منذ أكثر من قرنين، حتى توهمت الأجيال بأنها متخلفة ولا يمكنها الخروج من محنتها التي عليها أن تتعفن فيها. وقد انطلت هذه الفرية على المفكرين فأصبحوا يكتبون ويحللون وينظرون وفقاً لذلك، وما توصلوا إلى ما هو نافع ومساهم في صناعة الحياة الأفضل.
بينما الواقع يشير إلى أن الأمة في حرب متواصلة لا هوادة فيها، وأنها تقاوم وتواجه وتتحدى وتضحي وتُجالٍد وتكابد وتحقق انتصارات هنا وهناك وهزائم كذلك، لكن انتصاراتها تُطمر وهزائمها تَظهر وتسوَّق على أنها الحالة التي عليها أن تكون وتتكرر وتدوم.
وبرغم العواصف الدخانية والأعاصير الإعلامية والحملات التسويقية لإيهام الأجيال بأنها متخلفة ولا يجوز لها غير التبعية والخنوع فإن الأمة بمجموعها الكلي المتفاعل بخير وتمضي إلى الأمام وتنطلق طاقاتها وتتعبَّد طرقات مسيرتها نحو أهدافها الإنسانية السامية.
والمشكلة أن الماكنة الإعلامية للحرب النفسية المتواصلة قد برمجت عقول ونفوس الأجيال على الهزائم والانكسارات، وحجبت عنهم رؤية الجانب الآخر للأمة فغاصوا في التشاؤمية والسوداوية، وتوارثت المنهج القنوطي اليأساوي المرير حتى أصبحت مُكبّلة بأغلاله ولا قدرة عندها على التحرر من قبضته، فسادَ وهم العجز والإحباط والشعور بالدونية والتبعية والهوان في بعض المجتمعات.
بينما الصورة واضحة وساطعة أن العديد من المجتمعات قد تمكنت من امتطاء ناصية التفاعل الخلاق وتفاعلت مع عصرها وشيّدت صرحها العلمي والثقافي والإقتصادي الوضاء.
وما يجري في واقع الأمة أن أقلامها ومفكريها لا يعرفون سوى النحيب والعويل والندب على السطور، وشعراؤها غارقون في الرثاء وجلد الذات والموضوع والتغني بما لا ينفع.
ولا بد لنُخَب الأمة أن ترى بعيون الأمل والتفاؤل والإصرار على الكينونة المتوافقة مع قدرات الأمة الكامنة وطاقاتها الفياضة، وعليهم أن يبتعدوا عن الكتابة بمداد الهوان.
فهل لنا أن نتمسك بأكتاف نكون؟!!
واقرأ أيضاً:
العلم سينتصر والكورونا ستنهزم \ الإسلام سبب تخلفنا \ المرسوم الطائفي