أرسل لي أحد الأصدقاء صورة لطفل يتغرغر ببراءته ودموعه والطين يلطخ ملابسه الرثة، وأرفقها بشعر شعبي نواحي رثائي بكائي يتفجع لحال الطفل، وكان يحسب أن المتلقي سيُعجب بهذا السلوك الذي تعودنا عليه، والناجم عن تبلد أحاسيسنا الإنسانية وموت ضمائرنا، فأصبحنا نحسب البكاء على وجيع الآخرين هو أقصى ما يمكننا أن نقدمه لهم.
فالسائد في مجتمعاتنا هو البكاء والرثاء، والمناسبات التي تجمعنا وتفاعلنا هي مجالس العزاء وما يتصل بها من نشاطات بكائية متراكمة. فنحن مجتمعات بكاء، لا مجتمعات فرح وهناءة وسعادة!!
وبما أن الذي فينا دامع حزين وموجع فإن الواقع الذي نعيش فيه سيكون كذلك حتماً. أي أننا نَسكُب ما فينا على الواقع الذي يأوينا!!
صورة هذا الطفل لو انتشرت في مجتمعات غير مجتمعاتنا لأحدثت ثورة جماهيرية لا تهدأ، ولأسقطت حكومات وأحزاب، ولغيَّرت وجوه وفضحت سياسات.
لكنها صورة في مجتمعاتنا التي تعودت على أبشع منها وأقسى، وما تحركنا ولا غيرنا ولا انتخينا ولا ثرنا، بل إذا أردنا القيام بما هو إنساني ورحماني تتصدى لنا العمائم المتاجرة بالدين وتبدأ بإطلاق فتاواها العدوانية التي تسئ للإنسانية والدين.
هذه الصورة لن تحرك شعرة واحدة تحت عمامة ذات علامة تجارية مَسُوقة وفقاً لأجندات الآخرين!!
إنها صورة متكررة في بلاد العرب والمسلمين الذين يتبجحون بالدين!!
يا صديقي لماذا ترسل هذه الصور التي تثير الغضب على الذين يمسكون بعنق زجاجة وطن ويدوسون على رؤوس المواطنين؟!!
يا صديقي كل شيئء يجري بحسبان المصالح والأجندات، ولن يصيب الناس إلا الضر والعسر لأنه أنفع للآخرين الذين يركبون ظهور المطايا المشدودة على كراسي الامتهان والذل والهوان، ويسبحون بحمد ربهم العزيز القوي المنّان!!
فلا تبكي، بل اغضب وتوثَّب وسينجلي ليل الخراف الملونة!!
واقرأ أيضاً:
الإسلام سبب تخلفنا / المرسوم الطائفي / فرية التخلف / الحياة موقف