من الأقوال المتداولة "كل علمٍ لم يحوهِ القرطاس ضاع" وفي الزمن المعاصر ما عاد للقرطاس دور في حياة الناس بعد أن تمكنت منهم الشاشات الصغيرة التي تستجيب لرغباتهم وتساؤلاتهم بسرعة غير مسبوقة.
وربما يمكن القول: "كل علمٍ لم يحوه الإنترنت ضاع"!!
هذه مقدمة لموضوعٍ آخر يتصل بالقلم الذي ما عاد له دور وقيمة ومعنى، فما تكتبه الأقلام كأنها تخطه على وجه الماء أو فوق الرمال، فالناس لا تقرأ، ومن الأفضل للكُتَّاب والمفكرين أن يكتبوا على الجدران لأنها لم تعد دفاتر للشياطين، بل للناس أجمعين!!
ذلك أن أصوات الأقلام خافتة وحبرها باهت اللون لا يجتذب النظر، ولا يلامس البصر، فتنتهي الكتابات إلى أوعية النسيان والإهمال والضجر.
والعلة أن النفوس البشرية صارت تنجذب للهذيانات والخطابات العدوانية التي تؤجج النفس الأمارة بالسوء وتطلقها من معاقلها، فتمنح البشر أحاسيس ذات طعمٍ فريد، وبتكرارها يصاب بالإدمان عليها ويندحر في متوالياتها الهندسية اللهابة.
وما يسود عواصف من الأحقاد والتطلعات الطائفية والمذهبية المستولية على الوعي الجمعي العام، والمغذية لمسيرة التداعيات والتفاعلات السلبية الفائقة التداول والتأثير.
فالأقلام التي تكتب عن مواضيع مغايرة أو بعيدة عن التيارات التعبوية العدوانية من الصعب أن تجذب القراء لأنها تبدو وكأنها تتكلم عن أحلام يقظة وبهتان لحظة.
وبما أن الأقلام مجردة من القوة العملية، فإنها أضعف الوسائل اللازمة للتصدي والتحدي، فالقِوى المؤثرة فاعلة في ميادين الأيام، وعاصفة بكيانات الموجودات الكائنة في سوح التفاعلات اليومية.
وعليه فإن الأقلام التي تريد أن تساهم في التغيير والتأثير عليها أن تمتلك الجرأة والمطاولة والثبات والجد والاجتهاد والمهارات الاجتذابية الضرورية للدخول إلى رأس المتلقي والتفاعل مع ما فيه وتحريره من الأضاليل والأقاويل المضمخة بالسوء والبغضاء.
فهل لنا أن نكتب بسيف اليراع وفوهة مدفع الصراع!!
واقرأ أيضاً:
القرآن مصدر اقرأ \ لعبة الشطرنج الافتراسية \ كانوا وكنّا ونكون؟!!