المثقف جزء من عقل الأمة إن لم يكن عقلها، وقد فشل المثقفون (كتّاب، شعراء، مفكرون وفلاسفة) في بناء رؤية معاصرة وتنوير الكراسي والأحزاب وإرشادها إلى سواء السبيل.
وهذا الفشل المروّع الذريع جعل وجودنا ضبابياً خالياً من القسمات الحضارية، مما أهّل الآخرين للقيام بدورهم التأويلي وبإلقاء التهم والتوصيفات الجائرة علينا.
فكلما تساءلتُ لماذا يرانا الآخرون بعيون أخرى ويرسموننا بفرشات وألوان مغايرة لحقيقتنا، أكتشف أن السبب المهم يكمن بفشل المثقف في بناء الرؤية الضرورية لتوضيح صورة الأمة بجوهرها وما فيها من القدرات والتطلعات الإنسانية.
وتجدنا في هيجان انفعالي عاطفي لا يقترب من المنطق والحجة والدليل والتفاعل العاقل المبني على ما يمكن إثباته بجلاء.
فالرؤية الغائبة دمرت الذات والموضوع وأفرغت الوجود من جوهره، فتحوّلنا إلى أصقاع متناثرة متناحرة تستجدي العطف من الطامع بها والمتربص لافتراسها.
حتى وإن وُجدت رؤية ضمن أجندات أحزاب قومية ونهضوية، فإنها مهلهلة وتفتقر لقدرات التطبيق والممارسة الكفيلة بتنفيذها وتنميتها، ذلك أن مشكلة عقلنا تكمن في عجزه عن الانتقال بالنظرية أو الرؤية إلى سلوك عملي فاعل في الحياة.
وقد تكرر هذا الفشل في الأحزاب والتنظيمات والحركات التي قالت شيئاً وأنجزت ما يناهض قولها.
ولهذا أصبحنا أشتاتاً ومجاميعاً تعادي بعضها، وثرواتنا مسخرة للنيل من وجودنا الذاتي والموضوعي.
ومن الواضح أن ثرواتنا منهوبة ومودعة في بنوك أجنبية أو مستثمرة في بلدان الآخرين، وما نهبَ كرسي من ثروات بلاده واستثمر فيه أو أودعها في بنوكه، وتلك محنة ضاربة تشير إلى انعدام الرؤية وفشل التقدير.
فهل سنرى معالم طريق حياتنا ؟!!
واقرأ أيضاً:
أحجية البهتان!! \ بلسم المحبة والغفران \ الدين بين الخدمة والاستخدام