الوجود العربي مستهدف برمته، وهذا ليس بالأمر الجديد، وإنما هو قائمٌ قبل سقوط الدولة العثمانية بعدة قرون، فالعرب هم الأمة الوحيدة في تاريخ البشرية التي تمكنت بدينها أن تبني حضارة متواصلة بدولة قوية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.
ومن يتتبع التاريخ يكتشف أن التوجهات التنويرية التحديثية النهضوية في زمن محمد علي والخديوي إسماعيل في مصر تم الإجهاز عليها، وكذلك المشروع الذي انطلقت به ثورة مصر بعد سقوط الملكية، وتواصل الانقضاض على إرادة الأمة وبكثافة غير مسبوقة في العقود الأخيرة من القرن العشرين وتفاقمت في القرن الحادي والعشرين.
والخلاصة التي نجمت عن هذا الانقضاض المبيد أن الثروة النفطية الكامنة في الأرض العربية تحققَ تسخيرها لتدمير ما هو فوقها، وبإرادة عربية مبرمجة ومؤهلة للقيام بما لا يخطر على بال من الأفاعيل المروعة المستهدفة للمصير العربي. كما أن أوجه المواجهة قد تنوّعت وتعقدت وصارت ذات أهداف علنية وخفية وممارسات تعتمد على أبناء الأمة في تنفيذ البرامج المرسومة بأدوات يصعب الاستدلال عليها، وتوهم المندفعون نحوها بأنها ذات نتائج أخرى، لكنها تغريهم وتوقعهم في دهاليزها العتماء.
ومن المعروف أن الأحداث تُبنى على بعضها، وبموجب دراسات وأبحاث مستفيضة ورصينة ذات عدوانية عالية فقد حمل القرن الحادي والعشرون نظرية الثروة المؤدينة التي بموجبها يتم إنشاء أحزاب وحركات وفئات تتمنطق بدين وترعاها ثروات النفط العربي التي تسخرت لتدمير العرب والدين بثرواتهم وبدينهم.
وهذه النظرية (الثروَدينية) فعلت فعلها في الواقع كما تفعل النار في الهشيم، فخربت ودمرت وقتلت ما لا تستطيعه قوة في الآرض لو صالت على العرب، أي أنها جعلت التخريب والتدمير يتحقق بسرعة فائقة بقدرات ذاتية تتحرك كالبركان في الواقع المشبع بالنفط والمتأهب للاشتعال.
وما يجري في الواقع العربي وبلاد المسلمين يقوم به العرب والمسلمون عن وعي ودراية وتنفيذ لأجندات فنائهم، أو عن جهل وغفلة وأسر بالانفعالية والعاطفية والمشاعر السلبية التي يتحقق تفجيرها في مرابعهم.
وعليه فلن ينقذ العرب إلا العرب، ولن ينقذ المسلمين إلا المسلمون، ومن يتصور أن قوة أخرى يمكنها أن تخرجهما من غياهب الجب المأساوي فهو على وهم وخيم.
فهل سيتنبه العرب والمسلمون؟ وهل من يقظة وغيرة على الأوطان والدين؟!!
واقرأ أيضاً:
عقل الأمة المُستباح / التاريخ الحقيقي يكتبه الشعراء!! / عاهة التمني