في شرودٍ وفجائيّة حِيرة المَلّاح يتصلّبُ أمامها.. كما هو مُنْذ رحيلها؛ تمزّقُ الرياح شراعـه.. وتلطمهُ الأمْوَاجُ؛ دون هوادة؛ وبلا رحمة عَصْفٍ..
ويتناثرُ غَيْمات شريدة بسموات غريبة.. يكادُ يَخْتنقُ.. فما لَـه أبـدًا فرار.. ولا ثبات اتّخاذ قـرارْ..
وتقفُ أمامه ليْست كما هي.. على شفتيه تزحفُ ألسنةُ تشوقٌ حارقةٌ.. يتطايْرُ.. ويتأرجحُ..
رَعْشةُ إباء وتمَنُّع مَنْ يرغبُ ويستعِرُ.. حُمْرَة جَمْرِ الحَيْاء؛ وعبء إيمان كِبْريْاء يَجْثمُ.. وثقل ذِكْرَى رحيلها؛ زيارارت نسائم سوداء تصّاعد وضربات سيْاط نَبْضه.. حجارات صلبة ترجُّ القفص الصدري.. وأنفاسُ مِنْ بَيْن الرَّحى تتصارعُ كرًّا وفرًّا.. تخونُ سرّه الأبَدي.. وتُعْلِنُ فشل وخَيْبَة جهاد نسيْان حُبّه الأوْحَد.. والتخلّص منه.. بعدما ظنّ أنه نجح بدفنه داخل نفسه..
ولم يدر؛ أنّه فقط أخفاه.. ويحاولُ أن يبعدُ عن حقيقة رحيلها.. وقرارها الفجائي بالزواج من غيره.. وما هرب منها..
كم يحاولُ وحاول.. ويكادُ جواد الاشتياق يفرُّ مِن قيْد شَفَتيه.. ولمضمارِ ثغره يعبرُ..
الصهيلُ عال.. وسيول طعنات الأمْسِ تتدفّقُ إلى حنايْا صدره..
ورغم ظاهر خشوعه؛ يكابدُ أنْ يوقفه.. ولا تزل أرْدِيْة الظلام تلتحفُ إشراق فجر .. وتتركه وتزمّل بأسر سَحَر بهيمٍ..
وعصفورُ الحُبّ لا يموت.. ولا يترك لنوارسِ العِشْقِ فرصة لتعانق النّور.. وتغني لتوقظه..
توقظ ُ الكونَ أغنيّة جميلة بحاضره..
ولا يزل الوجود العاطر غَيْر قادرٍ على البوحِ بمرآةِ حُجْرته..
ودون أنْ يَدْري؛ وفي حُرقة الأمّ الحنون ِعلى فقد أوْحَد نبت رحمها..
وكمساءات أعوام أمْسه، كانت قد عبرته.. و
وكأنّها لم تكُن..!
......
واقرأ أيضًا:
إبداع امْرَأة وروعة الانتقام..! / امْرَأة الصبّار..!...... / حُبّ وعِفّة..!