الحياة الحرة الكريمة تصنعها إرادة العمل، فالشعوب القادرة على تفعيل إرادة العمل وتمكينها من صب القدرات والطاقات في بودقة وجود وطني يسعى نحو هدف واضح تكون وتتحقق وتتقدم بسرعة تتناسب وقوة تلك الإرادة.
ولو نظرنا إلى الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية كألمانيا واليابان سنكتشف أن إرادة العمل التي توقدت في شعوبهما هي التي انتقلت بهما من الدمار والخراب إلى البناء والتألق والتفوق المعاصر على جميع الأصعدة.
فاليابان ما انكسرت إرادتها بعد انمحاق مدنها ومعالمها، بل شمّرت عن سواعد وجودها وتمسكت بقدرتها على أن تكون من جديد، ورسمت لها أهدافاً بدت مستحيلة عند الذين لا يفقهون بمعنى الإرادة والإصرار والإيمان بالقدرات الذاتية، فحققتها وتجاوزتها وأصبحت قوة اقتصادية وقائدة صناعية في ميادين متنوعة.
وكذلك ألمانيا التي انتهت خراباً ودماراً مروعاً، لكنها توثبت وما استكانت وصنعت معجزتها الحضارية المتميزة.
يحكي لي زميل كان في برلين طالباً في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين أن الشعب الألماني كان مثل خلية النحل يعمل بجد ونشاط، فتحول خراب برلين في أقل من عشرة سنوات إلى وجود عمراني مدني معاصر، وقد عايش ذلك الانتقال من الخراب إلى العمران وهو متعجبٌ من قوة إرادة العمل والإيمان باستعادة الهيبة والدور والمكانة الحضارية.
هكذا تكون الشعوب وتستعيد ما فقدته، وليس بالنواح وجلد الذات وتعظيم الماضي والقنوط في الحاضر وإنكار المستقبل كما يحصل في بعض المجتمعات التي تزداد خراباً ودماراً وتساهم أجيالها في زيادة تراكم الويلات والتداعيات.
هذه دروس حقيقية يجب التعلم منها والسير على هداها، فلا مستحيل أمام إرادة العمل، أما إذا انتفت هذه الإرادة فلا يتحقق ما هو جدير بالحياة، ولن يكون فوق التراب ما ينفع الأجيال.
فهل من قدرة على تأجيج إرادة العمل والإيمان بالنجاح؟!!
واقرأ أيضاً:
ذو الوصمتين \ البشر والإنسان \ التشاؤمية عاهتنا!! \ الأقلام أدوات الكراسي