الأنا تشير إلى النرجسية الفاعلة في الذين تأبطوا الكراسي واتصلت بهم وتمثلوا بها.
أنا الكرسي والكرسي أنا، هكذا تبدو أحوال المناصب والمسؤوليات في دول الأمة، التي أفرغت السلوك من ضوابطه القيمية والأخلاقية.
والكرسي في جوهره يمثل قوانين ومنطلقات شريعة الغاب، ويرمز للقوة والسطوة والتفرد والاستبداد، فالذي يكون فيه يغرق في مستنقع التوحش والافتراس، ولا يمنعه من ذلك عقيدة أو دين، بل يوظف ما عنده من الرؤى والتصورات لخدمة إرادة الكرسي القابع فيه.
أضف إلى ذلك أن نوازع النفس الأمّارة بالسوء تجد لها ميدانا رحبا للإنطلاق، والتعبير الأمثل عن تطلعاتها الوحشية العاتية.
والكرسي سلطان متأسد لا يرحم الذي يقترب من قوائمه، وهو كالعرين الذي يُذاد عنه بالأنياب والمخالب، وبسفك الدماء والقتل الفظيع.
ولهذا تحترق الأحزاب بأنواعها والعقائد والأديان عندما توضع في الكرسي، ولا يمكن لأي حالة أن تبقى على وضعها بعد أن تتوطن الكرسي، لأنها ستبرر إرادته بما عندها من مفاهيم، وتطوعها لتتوافق مع ما يمليه عليها من سلوكيات تتناقض وموضوعها الذي تؤمن به.
فالكرسي تنور تحترق فيه الموجودات، فسجيره كل شيء فوق التراب، وأسهلها البشر الملغّم بالأفكار والعقائد والتصورات والتطلعات، التي تأكلها نيرانه حال اقترابها من فمه اللهاب.
فهل وجدتم كرسيا لا يلتهم جالسا عليه؟!!
اقرأ أيضاً:
التلاغي والتباغي!! / أمة تطفئ أنوارها!!