من الظواهر المشينة التي يروِّج لها مَن يتكلمون العربية ويكتبون بها، أن علماء حضارتنا ليسوا عربا، بل أن الإمعان بنفي الهوية العربية قد تجاوز ذلك، فصار القرآن متخيلا، وكتابا موجودا من قبل وتم تسميته بالقرآن، والنبوة لا وجود لها، ولا الأحداث المذكورة في الكتب، فهي أوهام وأساطير!!
قبل سنوات نشرتُ مقالة لجس النبض بهذا الخصوص عنوانها "قل رعبا ولا تقل عربا"، فنشرتها معظم الصحف، وأذيعت في محطات التلفزة، وتعجبتُ من الأمر، وكأن هناك إرادة محلية وإقليمية وعالمية تستهدف محق العرب، والقضاء على الهوية والمنجزات العربية، واعتبار العروبة محض هراء.
ولابد من القول أن العلماء في مسيرة الحضارة منذ انطلاق الدولة العباسية حتى أفولها، وما بعد ذلك، هم عرب رغم كيد الكائدين، عرب رغم ما تأتون به من أدلة واهية وادّعاءات مغرضة.
نعم إنهم عرب!!
يكتبون بالعربية ويفكرون بها، وتحت رعاية دولة يتكلم قادتها العربية، ودواوينها عربية، ولغة التخاطب فيها بالعربية، وفي زمنهم كانت مدنهم ضمن الدولة العربية، حتى وإن كانوا من أجناس متنوعة، فأنهم أجادوا لغة الضاد وبرعوا فيها، وألفوا بها وفكروا، وإنجازاتهم عربية أصيلة لا غبار عليها.
فالعلماء في دول الغرب ليسوا من تلك البلدان التي أبدعوا فيها، لكنهم تعلموا لغتها، وعاشوا فيها وصاروا من أبنائها وإن جاؤوا من غيرها.
هل أن العربي في أمريكا عندما يحصل على جائزة نوبل، يقال عنه أنه عربي أم أمريكي، بالتأكيد سيكون التوصيف أمريكي من أصول عربية، لكن جائزة نوبل منحت له وهو مواطن أمريكي، ولو بقي في ديار العرب لما حصل عليها، لعدم توفر الوسائل والفرص التي تؤهله لذلك.
فالذين يريدون نسب علماء العرب لهم، لم يقدموا ما هو حضاري في مجتمعاتهم، فما هي إنجازاتهم قبل سطوع شمس العرب، ولماذا غادروا ديارهم إلى أرض العرب وبلدانها المتوهجة بالعلم.
لماذا توافدوا على بغداد والبصرة والكوفة والفسطاط، وغيرها من حواضر الدولة العربية.
لماذا لم يستقروا في أماكنهم وينطلقون منها؟
إن أصول معظم العلماء من المناطق التي كانت تحت سيادة الدولة العربية، ولا توجد دولة أخرى ذات سيادة عليها، فهم عرب.
في أمريكا ولايات، فهل يقال على البارز في العلم أنه ابن هذه الولاية أم ابن أمريكا؟
على أعداء العروبة والعرب أن يثوبوا لرشدهم، فلا يحتاج نهار الوجود العربي الساطع الإنجازات إلى دليل.
أما توهمهم بأنهم سيغشون الأجيال القادمة وسيستعبدونها، فهذا أمر محال، لأن الأمة نابضة بالأنوار وغيورة على جوهرها الوهاج!!
اقرأ أيضاً:
أعداء العروبة الأشاوس!! / الحاضرون أعداؤنا والغائبون قادتنا!!