شتان ما بين اقترابات القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين، وفي كل مرحلة انتقالية ما بين قرنين تتداخل الرؤى والتصورات في الربع الأول من القرن الجديد، وهذا يحصل في الواقع المعرفي اليوم.
وستندثر قدرات القرن السابق، غير أننا لا نزال نرى وسائل الإعلام بأنواعها تحتشد بما لا يمت بصلة للقرن الحادي والعشرين، ومنها التركيز على التلميج والتلويح والغموض والمعنى في قلب الكاتب، وغيرها من الموضوعات التي يرفضها القرن الحادي والعشرون.
فالذين لا يستوعبون المتغيرات المتسارعة سيتواصلون في مراوحتهم في ذات البقعة الخاوية، ويتوهمون بأن أجيال القرن الحالي ستتأمل وتجتهد في استنباط ما يعنيه الكاتب أو المبدع بنصه، وهذا الزمان قد ولى وانتهى، والمطلوب الوضوح الساطع والمباشرة، والقدرة على وضع الفكرة بكلمات تدل عليها وتبينها، لا تدعو القارئ للكشف عما يريده الكاتب، وتحسب ذلك من لذة القراءة والتواصل مع النص، اللذة تكون بالفكرة الجلية حتى توفر للقارئ الوقت والجهد وليس العكس.
فعلى سبيل المثال، أجيال القرن الحادي والعشرين لن تجد فيهم نسبة كبيرة يستمعون للأغاني الطويلة، بل يريدون الأغاني القصيرة ذات الإيقاع السريع.
وعلى هذا المنوال لن تجد مَن يقرأ ما هو غامض ومبهم، لأنه سيشير إلى عجز صاحبه عن وضع الفكرة في كلمات تدل عليها، فالإبداع التجريدي انتهى.
وصياغة الفكرة في عمل إبداعي يشير إليها هو المطلوب، حتى في العمارة، وما تأتي به طاقات الإبداع المادية والأدبية والعلمية.
فالدنيا تقدمت ووصلت إلى ما هي عليه اليوم بالأفكار الواضحة، التي تحولت إلى موجودات تشاركنا الحياة، ولولا الوضوح والسطوع لما أوجدنا العديد من الحالات والمبتكرات.
فتحرروا من أوهام الغموض والتعتيم والتلميح وغيرها من مفردات التعويق العقلي والإبداعي.
فالشمس ساطعة وتخبرنا عن معنى الحياة!!
اقرأ أيضاً:
الغاب الغلاّب!! / الكتابة بمداد الحياة!!