الثوابت في المنطقة العربية ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تتلخص في أن العلاقة بين إيران والعراق والسعودية يجب أن لا تستقر، وبين العراق وسوريا متوترة، وباقي الدول العربية والإقليمية عليها أن لا تتقارب، وأي خلل في هذه المعادلة تترتب عليه تداعيات خطيرة.
فكيف سيواجَه التقارب السعودي الإيراني، والتقارب العراقي السعودي؟
لا يمكن التنبوء بما سيحصل في المنطقة، لكن الدول الطامعة فيها ستعمل ما بوسعها لتأمين مصالحها، وخصوصا الهيمنة على منابع الطاقة التي تقرر مصير الاقتصاد العالمي.
فالقرن العشرون هو قرن النفط بامتياز، والقرن الحادي والعشرون سيكون قرن الطاقة المتنوعة والغير مسبوقة، وسيحاول الانتصار على النفط، الذي ربما سيقتل الوجود الأرضي إذا تواصل زخم الاستهلاك الفاعل فوق التراب بتعجيل متزايد.
والقوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تأمر ودول المنطقة تذعن لمشيئتها، وما جرى فيها من أحداث وتطورات وتداعيات بتخطيط منها، لمنع التقدم والتمتع بثروات النفط، ولكي تبقى الدول ضعيفة وتستنزف طاقات بعضها وتبدد قدراتها، فالمنطقة بدولها العربية والإقليمة إذا تقاربت ستكون القوة المهيمنة على الدول الأخرى، لأن فيها أكثر من سبعين بالمئة من طاقة الأرض، ومعظم الممرات المائية الضرورية للنقل عبر القارات.
هذه التطلعات والأهداف الراسخة، والحكومات المذعنة والمنفذة لإرادة الطامعين بثرواتها، ليس من السهل التنازل عنها والتعامل معها بندية وآليات دبلوماسية وسياسية، إنها اعتادت أن تنفذ أوامر ولا تنبس بكلمة غير السمع والطاعة، وكم من حكامها أصبحوا في أسوأ الأحوال عندما حاولوا بناء بلدانهم وتأمين حقوق مواطنيهم، وتقربوا من جيرانهم.
والمنطقة كما هو معلوم ممنوعة من التكامل الاقتصادي وغيره، وعليها أن توظف العدوانية، وتستثمر أموالها في الدول الأجنبية، ولا يسمح لها ببناء الأوطان، بل لا بد من التصارعات الداخلية والحروب العبثية، والاستكانة لجلاد تؤازره القوى الطامعة بكل شيء في البلاد.
وعلى هذا المنوال مضت العقود منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين ولا تزال نواعيرها تدور.
فهل حقا أن المنطقة مقبلة على مرحلة تساهم في تفاعلاتها دول جديدة، ستواجه ما اعتدنا على تسميته بالدول الكبرى؟!!
الجواب في صدر السنوات المتبقية من الربع الأول من القرن الحادي والعشرين!!
اقرأ أيضاً:
أيهما أهم الجريمة أم الدافع؟!! / داء الكرسي الفاعل فينا!!