ما يتكرر في الكتابات والخطابات والتعليقات ورسائل التواصل بأنواعها، هو البكاء على الزمن الذي مضى واعتباره جميلا، فتشاهد "صور من الزمن الجميل"، "وشواهد من الزمن الجميل"، وكأن الدنيا المعاصرة خُليَّت من كل جميل.
هذه لعبة تدميرية تمر على المغفلين، ويساهمون بتأكيدها والعمل بموجب مقتضياتها الرامية إلى التخميد والترقيد، ونهب الوجود ومصادرة حق تقرير المصير.
وهي إدعاءات فارغة لا تتوافق مع بديهيات الأمور، وما يحتمه دوران الأرض على خلقها.
فاليوم أجمل من البارحة، والغد أفضل من الحاضر، فالعقول منشغلة بالإبداع، والإضافات تتنوع وتزدحم أروقة الحياة بالعطاات التي تجعلها أجمل وأرقى.
فالواحد منا يعيش أفضل مما كان عليه في القرن العشرين، برغم كل الادّعاءات والمعاناة، ونحن نعيش أفضل مئات المرات من ملوك الدنيا وأباطرتها في العصور الخوالي، الذين كان يعز عليهم شرب ماء نقي، ولا يجدون علاجا لأبسط الأمراض، ويموتون مبكرا لأتفه الأسباب.
فعلى المتشكين والندّابين اليائسين أن يكسروا أقلامهم ويغلقوا أفواههم، ويغمضوا عيونهم، فهم لا يرون ولا يسمعون ولا يعقلون، وتحركهم بوصلة عواطفهم وانفعالاتهم الدملية، التي تملي عليهم سيادة اللون الأسود، وتحرمهم من رؤية نور الوجود الساطع.
الحياة أفضل من البارحة رغم أنف الحاقدين على الدنيا، والمتوهمين بحياة أخرى، ما جاء أحد ليخبرهم عنها، وإنما غيبيات تحولت إلى يقينيات ومسلمات تقودهم إلى تدمير ما هو كائن للفوز بما سيكون، وهم لا يدركون ويؤمنون بما لا يعرفون.
تبت العقول العاطلة، والرؤوس المتحجرة في جمجمة تصلدت بالأضاليل المسكوبة عليها، فالجماجم الطبيعية ذات فواصل وأخاديد، وجماجمهم كالجلاميد، لا تسمح للأفكار بالتوارد إليها، وما فيها يكفيها، ويعميها ويأخذها إلى ضلال السبيل.
فلماذا التغني بالماضيات والتخندق في الغابرات؟
فهل عشتم ما مضى لترونه أجمل وأرقى؟
إنها سياسات إفناء الهدف بعناصره المبرمجة!!
فهل سنستفيق من عاهة الانقراض والسأم؟!!
واقرأ أيضاً:
الشعب لا يحكم!! / العقل حمار!!