الدول يبنيها القادة العلماء، ولا يمكن لقائد يتمتع بالجهل والغباء أن يبني دولة، مهما توهم وتأسد وطغى وجار.
الدول بحاجة لقادة علماء لتكون.
لو درسنا واقع أمة العرب لتبين أن انطلاقتها كانت بالعلم، والمعارف التنويرية التي حملت رايات "اقرأ"، منذ فجر مسيرتها الحضارية الساطعة الأصيلة.
وقد تألقت وتفوقت في عصور القادة العلماء، وانحطت وتقاعست في زمن القادة الجهلاء.
فزمن التأسيس كان بإرادة قادة علماء ألباء، ابتداءً من النبي القائد إلى صحبه الأفذاذ اللامعين.
والدولة الأموية رغم أن مؤسسها معاوية بن أبي سفيان، وهو من العارفين الثاقبين، لكن بانيها وباسط قوتها عبد الملك بن مروان، أعلم أقرانه في المدينة، قبل أن يقول للقرآن قولته المشهورة "هذا بيني وبينك", فبرغم سياسته القاسية لكنه بنى دولة.
ومن بعده جاء من كان عالما حالما، ومن كان جاهلا خاملا فانتهت دولة بني أمية.
وباني دولة بني العباس الحقيقي أبو جعفر المنصور، وهو عالم قرب العلماء وفتح أبواب التفاعل المعرفي، فوضع البنى التحتية المتينة لدولة استمرت عدة قرون.
وعلى نهجه سار هارون الرشيد والمأمون، وعدد آخر من قادة الدولة العباسية، الذين شيدوا صرح وجودها العالي التليد.
وفي زمننا المعاصر، بنى الصين "ماو"، برغم السلبيات وما إتحذه من قرارات، لكنه شاعر كبير وصاحب منهج علمي في الاقتراب والتفكير، ومن يقرأ خطاباته يحسب أنها لعالم وليس لسياسي، فخطابات قادة أحزابنا بأجمعها لا تساوي عبارة من عباراته.
فهو إن لم يكن عالما، فكان قارئا مدمنا وشاعرا مفكرا، ويتخذ من البحث العلمي ومناهجه سبلا لصناعة الحياة وبناء الدولة، التي أصبحت بعد عقود سيدة الدنيا، وجوهرة وجودها الإبداعي، فهل من قائد عالم رشيد؟!!
واقرأ أيضاً:
العقل حمار!! / "إنما الحاضر أحلى"!!