السائد في مجتمعاتنا أن الأوطان تُختصر بالأشخاض، فيكون الجالس على كرسي السلطة هو الوطن، وبموجب ذلك تصاغر الوطن، وتضخم الشخص، فتحولت التفاعلات اليومية إلى مأساة.
وكم تساءلت الأقلام عن القائد الذي يكون بحجم الوطن، وما حظيت أوطاننا إلا فيما ندر، بقائد يعرف وطنه ويرتقي ليكون بحجمه، بل أنهم يريدون كل شيء على مقاساتهم الاستبدادية الجائرة.
فلابد من قائد يعبّر عن الوطن بجوهره وقيمه ومعانيه الحضارية والإنسانية، فهل يحظى الوطن برئيس مدرك لجوهر دلالاته ودوره وتأثيراته، وأنه وطن الإنسانية والحضارة والأديان، والأعراق والملل البشرية، بما تحمله من ثقافات ومعتقدات ولغات.
نريد قائدا للوطن يترجم إرادته وتطلعاته، ويرسم خارطة طريق انطلاقه وتفاعله مع الواقع والحياة بحكمة وبصيرة ثاقبة، وإدراك عميق لكونه قوة حضارية ساطعة في الدنيا المعاصرة.
فالبلدان التي لا يكون قادتها بحجمها، ويفتقدون قدرات التعبير عن جوهرها، تنحدر إلى قيعان السفول والاندحار، ولكي ترتقي البلدان عليها أن تنجب مَن هم بحجمها من القادة والمسؤولين، الذين يرون الطاقات الكامنة والقدرات النائمة، فيسخرونها لبناء القوة والرخاء.
ولو تأملنا مجتمعات الدنيا الصاعدة المتألقة، لتبين أنها أوجدت قادة مستوعبين لها، ومعبّرين عمّا يجيش في أعماق مواطنيها، فاستثمروا الطاقات وشيدوا الاقتدار المعاصر الذي تتباهى به، ومنها الصين والكوريتان واليابان وسنغافورا وماليزيا وأندونيسيا، وغيرها من دول العالم.
فالشعوب تكون بقائد يمثلها ويستنهضها، ويتفاعل معها بلغة جامعة محفزة معتصمة بإرادة وطنية، وقيم إنسانية ذات تطلعات سامية.
والشعوب لا تتقدم إذا انعدم الاستقرار، الذي يحققه قادة يرتقون إلى حجم أوطانهم، لا أن يختصرونها بشخصهم، لأن في ذلك إذكاء للاضطرابات الخسرانية الفادحة.
فعلينا أن نصنع قادة بحجم أوطاننا، لنتمكن من التفاعل بها لا بمختصراتها الشخصانية، التي تتعرض لانهيارات سلوكية ودمارت ذاتية وموضوعية.
فهل لدينا قادة بحجم أوطاننا؟!!
واقرأ أيضاً:
"إنما الحاضر أحلى"!! / القادة العلماء!!