شبَّه عليه الأمر: أبهمه عليه حتى إختلط بغيره وأُلبسَ عليه.
شُبِّه له: اختلط عليه
ويفيد الاختلاط والالتباس، أي تهيّأ لهم، تخيلوا، تصوروا، وكأنها حالة من الغيبوبة الجماعية الهستيرية، التي تراءت فيها الصورة وتجسدّت في الوعي الجمعي، وكأن الناس قد عاشوا فترة من التفاعلات الهذيانية التي أوهمتهم بما جرى، وما قد جرى في واقع الأمر، وإنما في فضاءات خيالهم المشحون بالطاقات الانفعالية والتواصلات المجسدة، برؤى ذات تداعيات راسخة في الوعي المستعاد بعد رحلة النوام والخدر المستهيم.
والبشرية تمر بهذه النوبات التي يُشبه لهم بها، فيندحرون في سلوكيات ذات تداعيات مريرة وقاسية، لأن ما فيهم يدفعهم للتعبير عن السوء المحتقن، والقيح المندمل في دنياهم عبر مسيرات أجيال، فينفتق في أحداث وصراعات وحروب ذات معطيات، لا يمكن للبشر أن يستوعبها عندما يكون مستجمعا لقواه العقلية والنفسية، ولهذا لكي يحققها عليه أن ينقطع عنها، وينفصل تماما ويعيش في حالة من الغيبوبة والنوام، الذي يؤهله للقيام بما لا يمكنه القيام به في صحوته ويقظته الأليمة.
وما الحروب الفجائعية والصراعات القاسية إلا أمثلة على هذه المراحلة التي تسقط فيها البشرية وتتآكل وتتقاتل وتسفك دماءها، وكأنها مرهونة بإرادة التراب الجائع الباحث عن فرائس سمينة ووفيرة، لكي يستعيد قدراته على العطاء وبناء الحياة وفقا لما فيه من الطاقات، فكأن زيادة الخلق تجرّد التراب من قدرات الإتيان بما تريده الحياة، ولهذا يسعى إلى أكل ما يدب عليه لينتجه من جديد ويتواصل في مواكب الدوران العسيرة.
فهل أن البشرية على شفا مرحلة سيشبه لها بها فتندحر في متاهات الويلات العصيبة؟!!
أخشى أن يكون الأمر كذلك، وكأننا قاب قوسين أو أدنى من القارعة!!
واقرأ أيضاً:
القائد والبلاد!! / النظرية والتعتيق!!