ذات مرة قبل أكثر من عقدين، كان صديقي من بلاد العيون الضيقة، يحدثني عما سيحصل في الزمن القادم، ويردد أن القرن الحادي والعشرين سيأتي بما لم تخطر على بال البشر.
ويضيف مازحا : ربما سيصنع بشرا مثلنا!!
في وقتها لم يكن هناك هاتف نقال، ولا وسائل تواصل، والإنترنت في بداياتها، وكان يسألني مرارا: هل يا ترى سنحتاج لعقولنا؟
وكنت أصمت متسمرا أمام السؤال، لكنه كان يرى بأن البشر سيصنع عقلا أكثر مهارة من عقله!!
تذكرته اليوم ونحن أمام ثورات الذكاء الاصطناعي، وقدرات ما نخترعه على اختراع ما نعجز عن اختراعه، فالذي اخترعناه سيخترع، والذي أوجدناه سيقوم بالعمل بدلا عنا.
وستكون لدينا جنود مُصنعة، وطائرات مسيرة أذكى من الطائرات ذات طيار، وستصبح الآلة سيدة الموقف في كل شيء.
اليوم العديد من المصانع آلية بحتة، والأيادي العاملة فيها قليلة، بالقياس إلى ما كانت عليه في القرن العشرين.
ونحن في عصر المسيرات وإرسال مركبات إلى المريخ وتحريكها من الأرض، وبدأنا بالتخاطب الإليكتروني، فالحواسيب تتخاطب وتبحث عن حلول للتحديات وترسم الخطط وتخبرنا عن المآلات.
فالعقل اخترع عقلا إليكترونيا يتفوق عليه، وغاصت الدنيا في إبداعات النانو تكنولوجي.
اتصلت بصديقي وسألته إلى أين ستأخذنا عقولنا؟
قال: سنتوطن المريخ، وسنصنع عقولا نزرعها في رؤوسنا!!
احترت في أمر وجودنا، وأدركت أن العقل مصدر سعادتنا وشقائنا، وما أنتجه من أدوات فناء وانتهاء، أشد فتكا من أي مخترَع يساهم في تأمين بقائنا، وها نحن على شفا حفرة من النار.
فهل للعقل أن يهدأ؟
وهل من رحمة وشفقة ومنار؟
أم أنها القارعة التي صنعها البشر لنفسه؟!!
واقرأ أيضاً:
النظرية والتعتيق!! / شُبّهَ لهم!!