العقل والنقل، التأويل والتفسير، مفردات مهيمنة على وعينا ومستلبة لإرادة مفكرينا ومثقفينا، ونخب الأمة باختلاف توجهاتهم الإبداعية، وكأن أمم الأرض بلا أديان، وأمتنا ذات دين، ونشاطاتها ومنطلقاتها تتمحور حول الدين، وتتقيد بمناهجه وما تدل عليه نصوصه الدينية.
فربما منذ بدايات القرن التاسع عشر، والأمة متوحلة بهذه المفاهيم التي ما أوجدت ما ينفعها، بل مزقتها، فمذهبتها وحزبتها وطيفتها، وحولت نور دينها إلى نار لهّابة.
ترى لماذا لا تخرج العقول من قبضة النص الديني؟
لماذا لا تجد طريقا آخر لصناعة الحياة؟
إعمال العقول بالنصوص الدينية لن تأتي بجديد، فالأجيال المتواترة أعملت عقولها في كل كلمة وأدلت بدلوها، فما فائدة القول بذلك بعد قرون متراكمات؟
المطلوب إعمال عقول الأمة بالتحديات والمواجهات المعاصرة، وتأمين الحاجات الأساسية للإنسان، الذي انتزعت منه قيمته ودوره، وتحوّل إلى رقم جاهز للإمحاء، بما يؤوّله هذا وذاك من أدعياء إعمال العقل بالنص الديني، ليأتونا بتصوراتهم ورؤاهم وبأنهم أصحاب الدين القويم، ويقبضون على الحقيقة المطلقة، وسواهم يحل سفك دمائهم، في الأشهر الحُرم.
الأمة تعوّق نفسها، وترهن أجيالها بالبهتان والعدوان على الحاضر والمستقبل، لتمحنها بدائرة مفرغة عنوانها إعمال العقل بالنص الديني!!
إذا كان الطريق الذي سلكناه لقرون لا يوصلنا إلى الهدف المطلوب، فلماذا لا نبحث عن طريق غيره؟
العديد من الأساتذة والكتاب والباحثين، يكررون الدعوة لإعمال العقل بالنص الديني، وبما أن العقول لا تتشابه، فأن قراءاتها ستكون متباينة، فلكل منها زاوية لرؤيته التي لا يستطيع فرضها على الآخر، مهما استعان بأدوات المنطق، فليس كل منطقي صحيح، وليس كل تأويل مصيب.
ليؤول مَن يؤول، وليرى مَن يرى، وكأن الواحد منهم يخترع دينا، وإن كان الأمر كذلك، فلكم دينكم ولي دين، فلا تفرضن تأويلاتك على الآخرين، ففي ذلك عدوان على الدين!!
واقرأ أيضاً:
دماغ الكراسي!! / (رجل دين)!!