أقلامنا، أفواهنا، إنشائية صرفة، وما أنجزته على مر العصور تخدير الأجيال تلو الأجيال.
وبلغت الإنشائية ذروتها في عصرنا المشحون بوسائل التواصل المسعورة بأنواعها.
وصارت الأضاليل والأكاذيب مواد دسمة للإلهاء والتغفيل وتعطيل العقول واستعباد البشر المذهول.
وتفوقت التأويلات للنصوص الدينية وسادت الواقع، ورفدته بالمغفلات والمروعات الآخذات بالناس إلى سوء المصير.
والغريب في الأمر أن المؤرخين والكتاب والمفكرين، تحركوا في دائرة مفرغة من الأضاليل الإنشائية، وسخروا قدراتهم لتبرير الواقع وتفسيره بآليات عجيبة، رسخت وعززت ما فيه من السلبيات والانحرافات السلوكية.
فكتب التأريخ تزدحم باللامعقول، والعمل على إخراج الجالسين على كراسي القوة من بشريتهم، وتحويلهم إلى آلهة، حتى صاروا رموزا لرب العالمين، وتحت لوائهم نشأت دول وفرق وجماعات تستعبد الناس وتصادر مصيرهم.
وعندما تبحث بإنجازات المفكرين، تجدها لا تمت بصلة للواقع، فهي محاولات لتفسيره بنظريات أجنبية لا تعرفه، فلكل منهم مشروعه المطمور في ظلمات الرفوف، ويأتي مَن يرى أن لكل منهم عشرات الكتب، فما نفع ما ألفوه؟
أيعقل أن أمة فيها هذا العدد من المفكرين، وتتخبط في قيعان الوجيع وتتراكم في ديارها الإحباطات والانتكاسات والانكسارات والنكبات، وما استطاعت أن تبني نظام حكم يستند على قانون ودستور قويم.
إنها الإنشائية المظفرة التي ترهننا بأوهام أحلام اليقظة، وتصورات اللاممكن، وتجعل الأجيال تردد : "أنتم أتعس أمة أخرجت للناس"!!
فهل أفلح المفكرون؟!!
واقرأ أيضاً:
البشر سفّاك دماء!! / نزيف الأقلام!!