أيقظتنا غزة مجددا كما أيقظني صديقي الفلسطيني صبيحة السبت الذي سميته فيما بعد فاتحة الطوفان.
قال: غزة عبرت يا دكتور، ولم أفهم حتى شرحت الأمر الشاشات، وتوالت المفاجأت.
أخطر ما رأيت هو تعددية مفهوم الزمن، وتسخير الكون للإنسان ليشكله كيف يشاء!!
وأننا نعيش كما نفكر ونختار لأنفسنا.
حين باغت أهلنا من الطير الأبابيل العدو في مراقده، كنا نحن أيضا نائمين نغط في سبات عميق!!
لكن نومة العدو كانت نومة المتغطرس الواثق اللاهي المستقرة سطوته، بينما نومتنا هي نومة اليائس المهزوم المستسلم لموتته.
حتى أيقظتنا غزة مجددا لنرى كيف يخرج الحي من الميت، وتنبلج من قلب حالك الظلمات أنوار فجر جديد، كأن لم تكن ظلمة ولا سواد!!
وكأن العجز والشلل والهزيمة ومشاعر اللاجدوى واللامعنى وانعدام الأمل وانغلاق الأفق - كلها مجرد أوهام يصدقها صاحبها فتكون واقعه!!
أخطر ما تفعله بنا غزة كل مرة أنها تفاجئنا بأن المعركة لم تنته كما يراد لنا أن نتوهم فنستسلم، وتجدد في وعينا أن حياة الحرب، وثقافة الحرب، ونفسية الحرب، أو سمها الجهاد -إن شئت- هي خيار مستمر وممكن، وأن الركون لحياة دواجن البيوت، ونعاج الزرائب، وفئران المخازن هي أيضا اختيار - كما الجهاد - نفسية وثقافة وممارسات.
ولا عجب أن شعرت هذه المرة أنني أبعد وأبرد!!
ولا عجب أن الفرحة العارمة بالانتصار واللوعة الواسعة على فقد الشهداء والدمار تحت القصف ما زال يبحث عن تجليات استثمار وترجمة.
صحيح أن النصر اختيار والهزيمة اختيار والاستسلام لها اختيار ..
كيف نستثمر هذا النصر الكبير؟؟
9-أكتوبر-2023
ويتبع>>>>>: من سبت الغفران إلى سبت الطوفان1
اقرأ على مجانين:
التقرير العربي النفسي الأول عن غزة / على باب الله: الطريق إلى غزة/ د. أحمد عبد الله Facebook