منْ أسوَدِ اللحْـنِ2
منْ أسوَدِ اللحْـنِ1
(12)
والشعرُ لا شعرَ وأمسي الفقيدْ
في مُقْـفِرٍ يَضْربْ
لا شعـرَ مذْ راحتْ حياةُ النَّشيـدْ
بِنَـبـــعِـها الأعْـذَبْ
لـكِـــنَّهُ اليأسُ بِكـأسِ القـصيـدْ
منْ مُـرِّهِ أشْـربْ
وهوَ الضيــاعُ في سَوادٍ عـنيـدْ
لِـصُلـبِهِ أسْحَـبْ
أقسَـمتُ لنْ أهـرَبْ
أقسَمتُ لنْ يحوي سواها الوريدْ
(13)
والأهـلُ آهٍ!! ليتَهمْ يفـهمـونْ
تجـريحَ أقـداري
وكيفَ زاحَمَتْ حياتي الشجونْ
فأشعَـلَتْ نـاري
واليأسُ ألْقَتْهُ في قلبِ العيونْ
فصارَ مِنظـاري
وما رماني في لهيبِ السكونْ
أبكي وأشعاري
رهـيـبَ أسراري
وأكرهُ العيشَ وتمضي السنونْ
(14)
والصَّحبُ أصبحوا رفاقَ النفاقْ
في حـانَةِ الزورِ
ما دامَ خمرٌ رافقوا في عِـناقْ
في ليلِ مَخمـورِ
فإنْ عَفَتْ خــمرٌ أتـاكَ الفراقْ
ويا دُجًـا دوري
في مهمهٍ دوري بغدْرِ الرفاقْ
بـذلِّ مهـجورِ
وقيـدِ مأسـورِ
وكأسُكِ امْتلَتْ دموعًا تُرَاقْ
(15)
والصدقُ في الناسِ عفاءٌ طَـواهْ
كـأنهُ حُـرِّمْ
والعـدلُ في الأرضِ هباءٌ لُـغاهْ
بِهَتْكِهِ تُـقسِمْ
فالجَوْرُ صرْحٌ سبعُــها منْ أتـاهْ
ثمَّ انْبرَى يظلمْ
كمْ عشتُ أرجو منْ ذواتِ الحياهْ
لو أنهُ هُـدِّمْ؛
لـكنـَّهُ عُـظِّمْ!!
وناصِحُ الناسِ أريقَتْ دِمـاهْ!
(16)
أصبحتُ والناسُ عـبـــيدٌ وُقُـوعْ
في بُـؤرةَ الحِقْدِ
رأيتُهمْ صَرْعَى سمومِ الخضوعْ
لمُـخْلفِ الوعْـدِ
فأنكَروا الوعدَ وشَقُّـوا الصدوعْ
في ذكْرِ ذي المجْدِ
وهو الذي يــومًا أتَـتْهُ الجموعْ
في باسِمِ العهـدِ
بأنـفُسٍ تَـفْدي!!!
ويومَ ماتَ شَـيَّعَــتْــهُ الدموعْ
(17)
أمسيْتُ والناسُ كـِلابٌ تـصـيـحْ
في موْكِبِ النِّقْمَـهْ
شريعةٌ في الأرضِ صارتْ تبيحْ
قـتلاً بلا حُـرْمَـهْ
تنفـيذُها سِـرًّا ليبقي الصـريحْ
في حُـلَّةِ الرحْـمهْ
يا مرسِلَ الطَّعناتِ ماتَ الجريحْ
وخَـــلَّفَ اللـقْمَـهْ
لِـفيكَ والوصْـمهْ!!
مثلُ الوسامُ في زمانِ القبيحْ
(18)
كمْ داعِيًا للحــقِ كَلَّـتْ خُـطـاهْ
في غـابةِ الأرضِ
واغْتالتِ الآذانُ أسْـمَي دُعـاهْ
بالصَّـدِّ والرفضِ
وأسْلَمُـوهُ: مهمَـهًـا فابْـتـلاهْ
فعـادَ بالنّـَقضِ
منْ أجلِ دنيا "وهي غضْبَي سماهْ"
أحَـلَّ ما يُرضي
هَـتَّاكَةَ العِـرْضِ!!
وصارَ منهمْ لاعِــقًـا منْ ثَـراهْ
(19)
لقدْ أغاضَ الدهْــرُ نَبْــعَ الأمـانْ
والخوفَ ما يُبقِي
وشاخَ حزني في حنايا الكِيانْ
واليأسُ في عِرْقي
يا سوءَ عيشٍ مُرْتَمٍ في الهوانْ
يـا ساعَـــةً دُقِّـي
فالكونُ ماذا غيرُ سجنِ الزمانْ
في هَمِّـهِ يُـلقِي
بالرُّوحِ كي يُشْقِي
والأمسُ واليــومُ بهِ ذابِحـانْ
(20)
والسجنُ سجنٌ أبَـدِي الشـقاءْ
منْ غيرِ جُدْرانِ
سَـجَّانُهُ يُضْـفِي عليـــهِ الرِّداءْ
في اليومِ لَوْنانِ
سَمَّيْتُمُوهُ :الصبحَ رمْزُ الصفاءْ
وليـْلَ أحـزانِ
وهوَ الزمانُ خلــفَ ثوبِ الرِّياءْ
طُغْـيانُ بُـهْتانِ
وكلُّ غَـفـلانِ
منْ خـالَ صبحًا أو رآهُ مساءْ!!
(21)
شربتُ منْ عصيرِ هَـمِّ السنينْ
منْ نارِ مَـأساتي
عامٌ وعُـشـرونَ! أعُـبُّ الأنيـنْ
والنَّبْضُ كـاساتي
كمْ نبضَةً صُبَّتْ بكُنهي الحزينْ
فَسَمَّمَـتْ ذاتي
وضاعَ طفلي وشبابي الطعينْ
ما بينَ أنَّـاتي
ويأسِ آهـاتي
والنبضُ في دمي عَدُوٌّ لعينْ
(22)
منْ صُلْبِ إعصارِ الأسى منْ لَظاهْ
منْ وحْشَةِ السِّجنِ
منْ حيثُ ماتتْ أمـــنـياتُ النجـاهْ
منْ مَــهْـمَهِ الحُزْنِ
منْ حيثُ أجْهِضَتْ معاني الحياهْ
فلــمْ تَعُـدْ تعني!
سَفَحْتُ شِعْرَ اليأسِ يأسي سَقَاهْ
منْ أسْـوَدِ اللحْـنِ
منْ كلِّ ما يَعْـني
قـلبٌ يُغَـنِّي في زمـــانٍ نَـفَـاهْ!
ولفوت "أشعار طالب أسود"
يونيو ويوليو /1984
واقرأ أيضاً:
عَـيْنـاكَ! / حتى لو أنت بعيدة! / حيرة عاشق!! / ألْـفُ سلام!