من سبت الغفران إلى سبت الطوفان9
موقعي.. موقعي
في الخاطرة السابقة ذكرت دوائر المعركة ونسيت الداخل الإسرائيلي، وكنت قد كتبت خاطرة خاصة سابقة عنه.
إسرائيل دولة معسكرة لا يوجد فيها أي شخص خارج المعركة، ونحن تائهون مرتبكون ما زلنا نبحث ونتساءل عما يمكننا عمله ضمن المعركة؟؟
يبدو عسيرا على فهمنا واستيعابنا ونمط حياتنا أن نتعلم مهارات الكفاح في كل الساحات ليتكامل مع عمل السلاح في الميدان.
عيوننا مغلقة وأفقنا محبوس، كل داخل مجال دراسته، أو عمله وأكل عيشه، ولا خبرة لنا بالجهاد المدني، ولا نريد أن نبحث ونحفر ونتعلم ونناضل!!
تعالوا اليوم نحدد مواقعنا من القضية، ومن الفعل:
- موقع المناوئ:
ولست هنا بصدد فرز وتصنيف أنواعهم، ولا سرد نقاط اعتراضهم، ونقدهم للمقاومة، ولا رسم خريطة مصالح أعداءها، وهم بيننا كثير.
- موقع المرتبك:
وهو المتردد بين شبهات وحقائق ما جرى ويجرى طوال ثلاثة أرباع القرن، ومنهم من يعتبر ما يجري هو مجرد «حرب حماس» ولا ناقة لغيرهم فيها، ولا جمل.
-موقع المحايد:
وهو من يعيش حياته مثلما تعود: يتابع المباريات، ويمارس يومياته، ويرى أنه لا يستطيع فعل شيء في موضوع أكبر منه بكثير، ويتباعد عن متابعة ما يجري، هروبا من الألم ووجع الرأس.
- موقع المهتم:
وهو من يضع القضية ضمن اهتماماته ويتابع الأخبار، ولكن بما لا يؤثر على صحته، أو برامجه وقيامه بمسؤولياته الشخصية.
- موقع المتابع:
وهو المتعاطف الغارق في الأخبار والتقارير وصور الضحايا والبطولات والمذابح، يستهلكها وتستهلكه، لا يشبع، ولا يتوقف عن الفرجة، ولا عن مشاركة أصدقائه الفرجة، مع عجز تام عن فعل أي شيء نافع للمقاومة تحت حجج كثيرة.
- موقع المقاطع:
وهو شخص اختار أن يتحول في استهلاكه من منتج أو سلعة إلى أخرى، ضربا لمن يدعم الصهاينة من شركات ومؤسسات، ولكن دون تغيير في أي جانب آخر من تفاصيل حياته، ولا اختياراته تجاه البشر والأشياء.
ومثله الشخص الذي يجمع التبرعات أو يوزع المساعدات، ويحصر عونه للمقاومة في هذه الجزئية.
- موقع المقاوم:
وهو من عرف أن ميادين الكفاح لا تقتصر على رفع السلاح، وأن المقاومة هي برنامج عمل يومي، وأسلوب حياة مختلف روحيا وذهنيا وثقافيا وعمليا ومهاريا، وأقبل على تعلم ما يلزم للقيام بمهام المقاومة، وحدد موقفه من تفاصيل كثيرة تخص أولويات نوعية العيش، وقضاء الوقت، وتشغيل الجهد، وإنفاق المال.
- موقع المقاتل: وهو مقاوم اختار حمل السلاح، والقتال مباشرة في ساحة الميدان.
هذا ما ارتسم في مخيلتي من أدوار قد تتداخل في حالة بعضنا، وقد يتحرك بعضنا جيئة وذهابا بينها!!
أحاول بسط المفاهيم ورسم الخرائط ودلالة غيري على بعض ما يمكن عمله، ويعينك تحديد النقطة التي تقف فيها اليوم وموقعك مما يجري لأن لكل موقف ذهنية وواجبات وتبعات.
أحاول أن آخذ بيد العاجزين الغارقين في مشاعر ومشاهد وشلالات الدم والألم، وهذا بعض عملي في تخصصي، إلى حيث يختارون أدوارا لهم في هذه الملحمة الكبرى.
إسرائيل فاشلة تماما عسكريا حتى اللحظة، ولذلك كل تركيزها على الحرب النفسية والإعلامية والبروباجندا ومضاعفة القتل والقصف والحصار، وأنا أحاول بكل ما أوتيت من قوة وبيان أن أشرح أنه في معركة كهذه فإن ما يدور خارج أرض غزة من معارك هو أهم وأوسع وأعمق مما يتم داخلها، دون تقليل من أروع ملحمة صمود، لكنني أؤكد على أن أدوارنا الغائبة أو التي نحن ما نزال غائبين عنها، هي أوسع وأعمق وأشد تأثيرا على النتائج القريبة والبعيدة.
ويتبع>>>>>:من سبت الغفران إلى سبت الطوفان11
د. أحمد عبد الله Facebook
اقرأ على مجانين:
من الانفعال إلى الفعل: كسر الحصار والعجز! / رد مجانين على بيان الـ APA الحزين