قبيل ذهابي لالتقاط ابني من المدرسة في نهاية اليوم الدراسي..
وجدتني أشفق عليه من الحر وطول ساعات اليوم الدراسي
ووجدت أن أفضل ما أفعله لترطيب جسده ترطيبا صحيا
هو كوب عصير فواكه مثلج طازج محلى بعسل النحل
فما كان مني إلا أن قمت مسرعة أعددته له
وأعطيته له ليشربه لحظة لقائي به
فكانت مفاجأة (صحية) لذيذة
حمدت الله أن أعانني ووفقني لذلك
رجوته أن يقبل مني مجهودي البسيط لإسعاد ابني والمحافظة على صحته، ورجوته الإخلاص..
وكانت من أجمل لحظات عمري..
حين أخذ يشربه ليروي عطشه وهو سعيد
ويقول أنه لذيذ جدا
(Very yummmyyy) بلهجته الطفولية
ثم وجدتني فورا..
أذكر أبي الحبيب، راحة قلبي، رحمه الله..
فتدمع عيني..
وينطلق لساني مذكرا ابني بكفاح جده وعظيم إحسانه إلى أبنائه
قلت لابني..
أتعلم يا ولدي..
أن جدك رحمه الله
كان يمضي ساعات طويلة من صيف وشتاء المدينة المنورة
وهو يوصل أمك وإخوتها من وإلى المدارس الصباحية
ومدارس تحفيظ القرآن المسائية
والتي تقع في مسافات بعيدة من بيتنا آنذاك..
كان غالب الناس يتناوبون في توصيل أبنائهم
للمدارس العامة العادية القريبة من البيت..
وكان بإمكان جدك أن يفعل مثلهم..
لكن من فضل الله عليه وعلينا
أن جعله عال الهمة..
يطمح لمعالي الأمور..
وإن بعدت وشقت..
فكان لا يتناوب في توصيلنا مع الغير
للمدارس العادية القريبة
بل يقوم بالعبء كله وحده صباحا ومساء
للمدارس البعيدة ..حيث كانت هي الأفضل
ولم تسنح الفرصة للتعاون لتخفيف العبء في ذلك
حيث لم يكن غيرنا في منطقتنا يفعله..
ولم تكن سيارتنا مكيفة آنذاك..
أتعلم يا ولدي..
أنه كان يفعل لنا ذلك كل يوم..
دون أن ينتظر كوبا مثلجا في حر المدينة الشديد
أو دافئا في بردها..
ولم يكن يسرف في إمتاع نفسه
بشراء العصائر والمشاريب أثناء مهمة التوصيل تلك..
بل كان رحمه الله يكثر من شرب الماء
ويحبه باردا..
كم بات جدك يا ولدي في الصحاري بأخطارها!!
بحرها وبردها..
في رضا تام دون أي شكوى..
ليخلص في عمله
في خدمة منطقة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعجب ابني جدا..
من قدرة جده على تحمل ذلك..
أما أنا..
فقد
دمعت عيني..
وشعرت بامتنان وافتقاد شديد لأبي الحبيب..
فأخذت أدعو وابني يؤمن خلفي وهو يشرب..
اللهم اكتب أبي من المخلصين..
وتقبله في الصالحين..
اللهم برد عليه قبره. حين يشتد الحر
ودفئه في البرد
اللهم كيف له قبره ونعمه فيه..
ومتعه بروح وريحان..
اللهم اجعله في عليين..
واحنن عليه وهو بين يديك..
اللهم كما أكرمته بالإحسان إلينا في حياته..
فأتم نعمتك عليه وأحسن إليه وهو بين يديك..
ثم في ذكرى مولده بالأمس..
وجدت قلبي ولساني يدعوان له..
اللهم أعل مقامه.. وارفع درجته
اللهم يا رحمان يا رحيم
يا حنان يا منان
يا أكرم الأكرمين
يا أجود الأجودين
يا من قلت في سورة الرحمن في كتابك العظيم
(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)
اللهم برحمتك وكرمك وجزيل عطائك
اجعل توفيقك له بخدمة المدينة النبوية
سببا للتوفيق الأعظم
لنيل درجة القرب من سيد الخلق رسول الله
سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
اللهم اجعله معه..
واسقه من يده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا يظمأ بعدها أبدا..
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
17 ربيع الثاني 1440
واقرأ أيضا:
مدونات مجانين