الأرض تصاغرت بسرعة تتناسب طرديا مع سرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس، وما عادت الحدود مانعة للتواصل والاطلاع على أحوال الدول كافة، فوسائل الاتصال المعاصرة المتوافقة مع سرعة الضوء في سفرها بين البلدان وبين الإنسان، قد أحالت الوجود الأرضي إلى جهاز صغير يوضع في الجيب ويستحضر ما يدور عليها أسرع من البرق.
إن اطلاع الشعوب على بعضها سيدفع نحو مسيرات العدالة الكوكبية، بمعنى أن يعيش البشر في جميع بقاع الأرض بذات المستويات وأن ينال حقوقه بالتساوي.
ووفقا لهذا المنطق الذي يفرض نفسه على البشرية، ستكون أنظمة الحكم مرغمة على تبديل سلوكها والتفاعل مع الواقع الجديد بجدية ومواصلة وإصرار، لأن الاطلاع على واقع الآخرين، سيتسبب بثورات عارمة تهدف إلى التغيير والبحث عن جواب كيف نكون مثلهم.
وفي دولنا العربية بعضها استوعبت الرسالة والمعاصرة، وراحت تعمل بجد واجتهاد للارتقاء بمستويات المعيشة، والبنى التحتية والعمرانية إلى أوج ما تستطيع وتقدر عليه، وبعضها الآخر متمترسة بعقائد أحزابها المغالية الخارجة عن العصر، والمندفعة نحو الويلات والتبعيات والخسران، وهي بائدة لا محالة، وستنتهي إلى بئس المصير وسوء المسير.
والمشكلة في الدول المعوقة بعقائد أحزابها وفئاتها، أنها تتخذ من الدين قناعا لافتراس البشر واستعباده، ومصادرة عقله وتحويله إلى موجودات راتعة في ميادين امتهانها، وأخذها إلى ويلات السعير باسم الدين.
ومن الواضح أنها أفلحت في امتصاص رحيق البشر ومصادرة عرق جبينهم، وخداعهم وتضليلهم، بالتبعيات والولائيات، وتقليد الآخرين، الذين يوهمونهم بأنهم ينوبون عن رب العالمين، وتلك محنة مدمرة للوجود الإنساني القويم.
إن الحياة تعرت أمام البشرية، وما عادت الأقنعة تنفع للاستغلال من قبل الآخرين على حساب العالمين.
فهل أن اليقظة الكوكبية ستزيح أعداء الإنسانية، وتبني السعادة بإرادة الناس أجمعين؟!!
واقرأ أيضاً:
التنازع والإبداع !! / الذاكرة والمناعة!!