المجتمعات المتقدمة في النصف الغربي من الأرض، تعترف بوجود الطائفية والعنصرية والمذهبية وغيرها من المسميات، التي تضع البشر في كينونات متفرقة ومتنافرة، فهي واقعية وذات إرادة لتأكيد السلوك الوطني الجماعي المتآلف بين الأعراق والفئات، وترى أنها من ضرورات القوة المجتمعية والاقتدار الوطني المتميز!!
وفي واقعنا الذي فيه القليل مما في تلك المجتمعات، ترانا في تصارعات تبدد الطاقات وتضعف القدرات، وتلغى معاني المصلحة المشتركة والمجتمع المتآخي الواحد.
والسبب أن المجتمعات القوية قد نظمت العلاقة بقوانين صارمة ودستور جامع، فلكلٍ الحق فيما يعتقده ويراه، وعليه أن يحترم الآخرين ولا يفرض ما عنده عليهم، فهذه جريمة يحاسب عليها القانون، وهي تترجم منطوق "لا إكراه في الدين" أو المعتقد، ولكلٍ ما يرى ما دام في رأسه عقل فاعل.
إن فرض رؤيتك على غيرك بأي أسلوب، انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وعدوان سافر على حياة الآخرين، المستهدَفين بدعوتك، أيا كانت.
اعتقد كما تشاء، ولا تدعوني لأن أرى مثلما ترى، فلكل منا عقله وزاوية نظره، وبموجب هذا العقل نحن مخيّرون لنكون بأعمالنا أمام أعدل العادلين، وأحكم الحاكمين، "يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا مَن أتى الله بقلبٍ سليم".
و"إنا خلقناكم شعوبا وقبائلا لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"
و"يا أيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة..."
هذه قيم أخلاقية دينية، أنكرناها وأصبحنا أعداء بعضنا، ننهى عن المعروف ونأمر بالمنكر، وكأننا عصبة أباليس الشرور والبغضاء، سكارى بعواطفنا السلبية التي يؤججها أعداؤنا فينا، ليسخروننا لخدمة مصالحهم ونحن في غفلتنا عامهون.
فمجتمعاتنا أمضت القرون بضوابط أخلاقية تردعها من الشطط والانحراف المهين، حتى أطل القرن العشرون، وبدأت الصولات النفسية والفكرية على وجودنا، فتحوّلت أمة العرب إلى كينونات متناحرة متنافرة، تكيد لبعضها المكائد الشنعاء.
و"جاهد عدوك ما استطعت جهاده...أما أخاك فما استطعت فسالمِ"!!
فهل عندنا للألفة مَقام؟!!
واقرأ أيضاً:
الهزيمة التكنولوجية!! / ما هو الشعر المعاصر؟!!