عدت لما جمعته من أعمدة الكاتب المصري المعروف (مصطفى أمين) (1914 - 1997)، والتي كان ينشرها في جريدة الشرق الأوسط، ورحت أتصفحها، فمللتها، وكنت أتمتع بقراءتها في حينها.
وتساءلت: لماذا أتمتع بما كتبه زهير بن أبي سُلمى، قبل أكثر من أربعة عشر قرنا؟!
يبدو أن الكتابات الأصيلة تجيد السباحة في نهر الخلود، أما الكتابات الدخيلة فذات أعمار خاطفة، إذ تموت في لحظة ولادتها.
فهل نكتب أصيلا؟!!
السائد أن كتاباتنا اجترارية، وتدور في دائرة مفرغة، محكومة بالماضي والدين والكرسي، ولا نعرف التحرر والتفاعل مع العصر بمعطياته، واستخلاص العناصر الكفيلة بصناعة الأصيل الواعد.
من تعريفات الشعر التي تبدو أقرب إلى الصواب أنه "الكلام الخالد"!!
أي أنه الكلام الذي يخترق حواجز الزمن.
العديد من كتب الأوائل في مسيرة الأمة الحضارية، لا تزال قراءتها ممتعة، وأكثر الكتب المعاصرة تنفر منها من أول صفحة.
والكم الهائل مما يُسمى بالشعر، لا يتعدى كونه هذربات، وبوحيات لا تمت إلى الشعر بصلة، وتزريف كلام.
كتّاب الكيبورد ما عادوا يتفكرون فيما يكتبون، ولا يجهدون أنفسهم في اختيار المفردات، وبناء العبارات، وإنما هي رقصات أصابع على مسرح الكيبورد.
وتجد الشكاوى تتزايد على أن القراءة انكمشت، ومعارض الكتب صار الكتاب فيها بضاعة بائرة، ودور النشر تحولت إلى متاجر أو أغلقت أبوابها، وغادرت عملها الذي ما عاد مجديا.
والسبب فقدان الكلمة لقيمتها، وللكتاب أهميته ودوره، ولطوفان الكمية وإنتفاء النوعية، وتساوت "الكرعة وأم الشعر"!!
فهل أن الكتاب يحتضر، والكتابة هَزلت؟!!
واقرأ أيضاً:
الديمقراطية والعلوم النفسية!! / هو الذي قعد!!