أبحث في النص الذي أقرأه عن المعنى الذي يريد أن يعبّر عنه كاتبه، وهل تمكن من توظيف المفردات المستعملة للوصول لذروة ما يريد، وفي أكثر الأحيان ينتفي المعنى ويسود الأسلوب، وكأن الإبداع أسلوب وكفى.
بينما الإبداع الرائق هو الذي يرتكز على المعنى والأسلوب بتوافقية، ذات قدرة تعبيرية خلابة جذابة وواضحة.
ولا يمكن للمبدع أن يصل إلى هذا المقام الكفيل بأداء المعنى، دون ممارسة ومران وقراءة معمقة لنصوص المبدعين المتمكنين.
وتجدنا أمام سيادة الأسلوب على المعنى، فما أروع الأسلوب وما أهزل المعنى وأوهنه!!
ما قيمة النص المشير إلى أنه من نتاج الصنعة وحسب؟!!
تراثنا الكتابي أو التدويني يحفل بأرقى أساليب الكتابة بفنونها المتنوعة المتوافقة مع عصرها، لكن المعنى يكاد يكون مغيبا، فسحر الأسلوب لا يساهم في بناء العقل الثقافي المعرفي المقتدر.
الإبداع آلية لوضع التفكير السليم في أشكال تعبيرية عن معنى مفيد، بأسلوب ممتع ومتناغم مع طاقة المعنى ومعطياته الشعورية والإنساانية.
فلماذا التنافر بين المعنى والأسلوب؟
يبدو أن لضعف المعجمية اللغوية، وضيق الأفق، والتسرع بالنشر، ومؤثرات المواقع الإليكترونية، وانحسار القراءة، وفقدان الكتاب لدوره التنويري، جعل الإبداع كتابة روتينة آلية، كانها من إنتاج روبوت، يجيد وضع الكلمات في سياقها النحوي، ولا يعنيه ما تشير إليه أو تريد التعبير عنه.
وكثيرا ما أتساءل، بأننا مقبلون على كتابات روبوتية ستطغى في العقود القادمات، بل أن جهاز الكمبيوتر سيكون هو الكاتب المفضل، فأطلق فكرة ما، وسيكتب عنها الكمبيوتر بسرعة وموسوعية غير مسبوقة، وتتفوق على قدرات البشر العقلية!!
فهل سيبقى للإبداع بأنواعه قيمة في المستقبل؟
إنه سؤال خطير يلوح في أفق الأيام!!
واقرأ أيضاً:
النووي قراطية!! / العرب بين المستنقع والنهر!!