خذل: تخلى عن النصرة والعون.
"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله"
الأمة قوية وفيها طاقات حضارية لا تنضب، والعلة في أجيالها المصروعة بالخذلان، والمقتولة بالضلال والبهتان.
فالخذل النفسي من أخطر العاهات التي تعيق وجود الأمم والشعوب، وتمنعها من التقدم إلى أمام وتدفع بها إلى ميادين الضياع والخسران.
أمة العرب علمية الطباع ومعرفية ابتكارية تنويرية إشراقية، أبحرت في فضاءات الإدراك العلوية، ووضعت الأسس الراسخة للانطلاقات الحضارية في ربوع الإنسانية.
ليس هذا إدّعاءً وتقولا، إنها الطاقة الحضارية الكامنة فيها، والتي أخرجت البشرية من ظلماتها الدامسة بين القرن الثامن والثالث عشر، عندما استلهمت الإرادة العربية وتشربت بأنوارها، فتحررت من قيود الاستلاب العقائدي والتعطيل العقلي، فتفاعلت عقول أجيالها مع التحديات، فأوجدت مرتكزات ابتكارية وتطلعات إبداعية مطلقة، فكان الحاضر المعاصر كما نراه، وسيكون المستقبل أبعد مما نرى ونتخيل لأن العقول صارت تتفاعل في الذرى.
الخذل النفسي الفاعل في مسيرة الأمة منذ القرن التاسع عشر، بتراكماته السلبية الانكسارية النكبوية، قد أسهم في تدحرج وجودها إلى وديان الضياع والهلاك الشديد.
فتجدنا أمام أمة فيها معظم طاقة الأرض وقدراتها الاقتصادية وممراتها المائية، وقد تدثرت بالتبعية والخنوع والاعتماد على الغير في مأكلها ومشربها، وما تحتاجه مما يساهم في الحياة الطيبة.
بل أنها من شدة خذلانها النفسي تحولت إلى عدوة شرسة لذاتها وموضوعها فراحت تقاتل بعضها، وتستنزف ما عندها من عوامل القوة للنيل من الآخر الفاعل في وجودها والمهيمن على مسيرتها، والمستحوذ على ثرواتها والمتحكم بقراراتها ومصيرها.
ولكي تتحرر الأمة من الخذل النفسي، على نخبها أن تتمسك بما هو إيجابي, وعلى الذين يكتبون إنشاءً نفسيا أن يتقوا ربهم، ويسلطوا الأضواء على الكتابات النفسية الإيجابية، ويجاهروا بعلم النفس الإيجابي ويبتعدوا عما هو سلبي، ومشارك بتعزيز الخذل النفسي.
"ومَن يتهيب صعود الجبال...يعش أبد الدهر بين الحفر"!!
واقرأ أيضاً:
العرب بين المستنقع والنهر!! / المعنى المَغفول!!