كلما أدخل غرفة أرى الجميع ينظر إلي ويتهامسون (وكأن الحديث عني)...
في البداية لم أعرف ماذا يحدث؟ ولكني كما أظن سمعت أصواتا لأناس غرباء ورأيت وجوها غريبة -أول مره أراها وأسمع صوتها- في بادئ الأمر ظننت أني مريض (في الواقع أني هكذا دائما أظن بأني مريض)... عدت ودخلت غرفة أخرى وأخرى إلى أن دخلت آخر غرفة وإذا بهم يلحقوا بي ويدخلون الغرفة خلفي ويغلقون الباب من خلفهم وبدؤوا بالصياح: لقد سأمنا منك، لقد تعبنا منك طالما تحملنا حماقاتك وغبائك. اليوم سوف نرد لك الدين اليوم سوف نعاقبك، وأدخلوني قفص أطلقوا عليه قفص الاتهام – (في الواقع لم يكن هناك قفص ولم يكن هناك شيء ولكنهم هكذا أسموه)
لقد خفت منهم كثيرا وقلت في نفسي: يا إلهي ماذا ينتظرني؟ ماذا سيحل بي؟ ...
في هذه الأثناء رن الهاتف وهممت بالرد عليه... أريد فقط أن أصل إلى الهاتف لأخبر المتصل ماذا يحدث حولي ويكون هناك شاهد على هذا. توسلت إليهم ولكن دون جدوى فقد اجتمعوا علي ولم يدعوني أتحرك وباستهزاء أوقفوني وأقعدوني على أحد الكراسي وبدؤا باستجوابي.... يا إلهي إنهم يعرفون كل شيء عني... يعرفون أين أذهب ومتى أعود.... يعرفون كل كلمة قلتها يعرفون كل حماقاتي وغبائي... كل ما قالوه عني كان صحيحًا نعم كل شيء صحيح كيف عرفوا ذلك؟ وبعد أن أنهوا حديثهم توصلوا إلى قرار اعتبروه الحكم النهائي علي وهو أني (مجنون)!!!!!
بعد أن سمعت التهم وبعد أن سمعت القرار وقفت بشموخ مدافعا عن نفسي قائلا: (والكلام موجها إليهم جميعا) نعم أنا شخص مجنون... أنتم أخبروني ما اسم من يتحدث إلى المكاتب والكراسي والأسرة... ما اسم من يتناقش مع الطاولات والأبواب والنوافذ... أخبروني ما اسم من يتحدث إلى بنطاله وقميصه وقبعته؟... عم السكون الغرفة.. وقتها أحسست بنشوة الانتصار، وبدأت بالابتسام رافعا رأسي للأعلى، ولكنّ صوت أتى من أحدهم قطع علي فرحتي بالانتصار (كما اعتقدته) وقد كان المتحدث القبعة وكانت أول مره تدخل في النقاش قالت: أقول عنه مجنون بين العقلاء (أنت أيتها القبعة تقولين هذا!! أنت الوحيدة التي يجب أن تدافع عني فأنت تعرفين ما يدور برأسي وتعرفين بماذا أفكر وتعرفين عني أكثر مما أعرف أنا) ... ضحك الجميع.
وقفت مذهولا... أهذا ما توصلتم إليه (أنتم العقلاء)... غاضبا خرجت من الغرفة ومن المنزل حتى وصلت إلى آخر الحي ما زلت أسمعهم وهم يضحكون بصوت عال فوضعت يدي بأذني وبدأت بالغناء وبالقفز والجري بالطرقات لكي لا أسمعهم فصوتهم مزعج جدًّا... لكن الشيء الغريب في الأمر أن الأشخاص اللذين كانوا يسيرون في الطرقات (وهم كثر) لم ترمش لهم عين بعد أن رأوني بهذه الحالة.. وكأني غير موجود...
سألت نفسي وقتها... لماذا؟!!
واقرأ أيضا:
تدلي!! / واجهني!