مع نيشيدا!!*
كنتُ أتجول في جامعة كيوتو اليابانية، أبحث عن أفكارٍ علوية، أسأل عن عقلٍ بأروقة الذات العربية، بإحدى قاعاتها، قالوا كنتَ تنادي: "أنت أنت، أنا أنا، وأنا أعيش كما أعتقد"!!
أطلقت الأفكار من معاقلها، أطعمت الناس خلاصتها، أعلنت ميلاد الإبداع والاقتدار، في بلاد الشمس الأزلية، أمعنت كثيرا في تحرير الإنسان، من أسر الضلال وقيود العبودية!!
نيشيدا
أبحث عنكَ في شوارع كيوتو، أسأل الأغصان وأزهار الأنوار الإنسانية، ومضيت أسير في "طريق الفلاسفة"، أتصيد أفكارا توقظنا من نوم الأبدية، عرب نحن، وكم بَرعنا بذبح الأفكار واجترار الأشياء المنسية!!
مَن نحن؟
في زمن الإنجازات الديمقراطية، أخوة أعداء، استبداد، طوائف ومذاهب، وحروب تدميرية
أتساءل، وخطواتي تدوس آثار خطواتك اليابانية، وعيوني تطوف فضاء خيالٍ، تطارد أفكاراً
كنتَ تجنيها، وتقرأها بعيونك الإمعانية، أما نحن، فنقرأ أوهاما، ونترنم بالأحلام المأساوية
ونهرول وراء الأجداث، ونستكين لطعنات الماضي، ونأبى أن نخرج من بئر الآهات الأزلية!!
نيشيدا
أمضي مستفهما في دروب الأفكار، أراقب السواقي وأتأمل الأشجار، لماذا تقطف منها ما لا أقطف، ولماذا تعطي خطواتك، ما لا تعطي خطوات العربي، التائه في سوالف الأزمان.
أسأل ذاتي، أحرقها، أتهاوى في ماء البهتان!!
نيشيدا
غاب الدين، وابتعد الفرقان، والمراؤن أعزة الأوطان، والجمع "يعرف من الإسلام اسمه
ومن القرآن رسمه"، ويقول أعرف، وأدري، وإياكَ أن تدري غير ما أدري!!
نيشيدا
أنت أنت، وأنا لا أنا، فأنا أعيش كما تعتقد الأحجار، لا عقل، لا أنوار، لا أفكار!!
نيشيدا
اليابان هي اليابان، والعرب أنكروا العقل وخربوا الإنسان، فلماذا أمشي في "طريق الفلاسفة"، وأجهد العقل بالتفكير والتساؤل والإمكان؟
لا لن نكون، ما دامت السلطة للأوثان، لا لن نكون، ما دامت القشور لبا وحقائقا، واللب في طي الإهمال والنسيان، فالأمة جثة في مشرحة الخسران!!
*نيشيدا كيترو فيلسوف ياباني أسهم في بناء حضارة اليابان المعاصرة.
واقرأ أيضاً:
المنفردون!! / النثر البديع!!