قلة من الشعراء ألفوا كتبا في مناحي المعرفة، ومنهم أبو تمام، والرصافي وغيرهم، أما معظم الشعراء فأنهم يركزون على كتابة الشعر وإصدار الدواوين، وبعضهم كتب مذكراته أو سيرة حياته، وآخرون كتبوا مقالات جمعت في كتب.
أما تأليف كتاب عن الشعر ومفرداته وألفاظه وعباراته وأساليبه، فقلة من الشعراء حاولوا ذلك.
فالتراث المعرفي العربي فيه كتب عن مفردات الكتابة والخطابة، أما عن مفردات الشعر، فأنها نادرة أو لا وجود لها.
وهذه ظاهرة يصعب تفسيرها مهما أتينا من تبريرات وتسويغات، وهي من أسباب ميوعة صفة الشاعر.
فالكثير من الكلام يبدو كأنه شعر، لكنه في جوهره لا يعرف الشعر، والعديد من الشعراء، هم ليسوا كذلك، فالكلام الموزون لا يعني أنه شعر.
الشعر بحاجة إلى ألفاظ قادرة على استحضار المعنى وتجسيد الفكرة، وتأدية الغرض، والانطلاق بأسلوب جذاب خلاب، يخطف القلوب والعقول والنفوس والأرواح.
وهناك العديد من المفردات التي لا يمكنها أن تكون في نص يسمى شعريا، لكن اقحامها لأسباب عروضية أو نحوية لا يعني أنها قد أدت وظيفة شعرية.
ومن أصعب الفنون أن نوضع الفكرة في كلمات ذات معنى واضح وغرض ساطع، وقدرة على التأثير وإثارة العقل وإلهام القارئ بما يعينه على بناء رؤية جديدة.
وتجدنا اليوم أمام كم هائل من النصوص المنشورة على أنها شعر، سواء كانت كلاسيكية أو حداثية، أو غيرها من الأشكال المستنسخة من بلاد الآخرين وماهي بشعر.
وفي الكثير منها يبدو اضطراب الأفكار جليا، وعدم قدرة كاتبها على الوصول إلى ما يريد قوله والإفصاح عنه ، وكأنه لا يدري عمّاذا يكتب ولمن يكتب.
إنها حالة تخبطية أملتها إيقاعات القرن الحادي والعشرين، التي جعلت الكلمات تتطاير كالهباء المنثور.
وعندما نتحدث عن الطيف الشعري، تجدنا أمام ألف موشور وموشور، حتى لتحتار بما ترى من الألوان!!
واقرأ أيضاً:
مع نشيدا!! / القراءة لا تنفع!!