ذات يوم قال طه حسين "التعليم كالماء والهواء وحق لكل إنسان"، فلو كان بيننا لتبين له بأن ما كان يدعو إليه صار حقيقة فاعلة في الأجيال المعاصرة.
فالمعرفة متوفرة للجميع، وكتب الأجيال ومكتباتها تحت طلبه، في جهاز صغير يحمله في جيبه، ويسأله عما يريد فيأتيه الجواب فورا.
آلاف الكتب يستطيع الوصول إليها بتفاعله مع باحث جوجل، أو غيره من أنظمة البحث المتنوعة على شبكات الإنترنت.
كنت أتحدث مع عدد من الشباب الصاعد، وما أن أقول كلمة أو أطرح فكرة، حتى أجدهم قد بحثوها في هواتفهم وأكدوها، ويضيفون لي معلومات جديدة، وبالصور والأدلة القاطعة.
فيا عميد الأدب العربي، المعرفة أصبحت كالهواء يستنشقها مَن يريد الوصول إليها وبسرعة خاطفة، ولا يتكلف عناءً سوى أن يكتب مراده على الشاشة الصغيرة لتحضر أمامه العديد من الخيارات، فيضغط على ما يختاره منها لتنفتح أمامه عوالم معرفية فياضة ومتجددة.
بل أن مقولة التعليم كالماء والهواء فقدت قيمتها لأن الزمن تجاوزها، وصار التعليم متاحا لمن يسعى إليه بلا عناء كبير، فالشاشات تقدم لنا العلوم بوسائل توضيحية غير مسبوقة، ويمكن التفاعل بين العقول عن بعد، فعالم القرن الحادي والعشرين تنتفي فيه المسافات، وتنكمش الكرة الأرضية لتكون أصغر من كف اليد الواحدة.
فأنت لست معنيا بالبحث في الكتب والمكتبات عندما تريد الكتابة في موضوع ما، وما عليك إلا أن تستحضر ما كُتب عنه في شبكات الإنترنت التي تغنيك عن ألف كتاب وكتاب، بل أن ثورات الذكاء الاصطناعي أصبح لها دور متطور ومؤثر في صياغة الأحداث والتطورات وآليات التفاعل مع المخلوقات، إضافة للثورات الإليكترونية المتنوعة التطبيقات.
فما أسهل التعليم والفهم وفقا لمعطيات عصر السرعة، الذي يطغى على الموجودات الأرضية، ويدفعها للانطلاق البعيد نحو عوالم كونية ستسبرها بإرادات إليكترونية فائقة.
فهل نحن نعلم أم نتعلم، يا أمة وعلمنا الإنسان ما لم يعلم؟!!
والضلال في ديارنا كالماء والهواء ويغرق فيه كل إنسان، فالسمع والطاعة من الإيمان، وتعطيل العقول هو البرهان!!
"وقل ربي زدني علما"!!
"وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"!!
واقرأ أيضاً:
عضلات الغابرات!! / مفهوم القوة المعاصرة!!