المطلعون على تأريخ الأمة وتراثها ومسيرتها، يعرفون أن ما يتناوله المفكرون ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، ما أطعم من جوع ولا آمن من خوف، وطروحاتهم فيها استنزاف لطاقاتهم وطاقات الأمة بأجيالها، التي تدحرجت على سفوح موضوعاتهم الخيالية المطعمة بفنتازيا اللاجدوى.
فماذا قدم المفكرون للأمة؟
تصفحوا كتبهم ودراساتهم وخطاباتهم واستمعوا لأقوالهم، لن تجدوا سوى أنهم يدورون في ذات االدائرة المفرغة، التي لا توصل إلى نتيجة ذات قدرة إنجازية مهمة.
فلكل منهم مشروعه الذي يحسبه الأصلح والأقدر، وربما يمثلون الغلو والتطرف فيما يطرحونه، والدليل أنهم لا يتفاعلون بل يتنافرون.
المفكرون متورطون بموضوعات لا جدوى منها، وما استفاقوا من تصوراتهم الخالية من أي رصيد واقعي، فتستمع إليهم وهم يتمنطقون بالأفكار التي عضّلت الواقع وما أصلحته.
هذا ليس هجوما أخرقا أو إدِّعاءً أهوجا، إنها حقائق قائمة، فالأمة فيها عشرات المئات من المفكرين، وما استطاعت أن تخرج من محنتها على مدى أكثر من قرن ونصف، فماذا يعني ذلك؟
إنه ببساطة يشير إلى فشلهم، وفقدانهم لبوصلة المسار الصحيح.
فأمم الدنيا تحققت عندما تصدى مفكروها لمشاكلها، ووضعوا لها خرائط خلاص وتحرر مما تعانية، وكيف تنتصر على ما تواجهه.
ومفكرونا منشغلون بالتفسير والتأويل، وبمناقشة مشاكل الغابرين، وبالتبرير وتسويغ ما يحصل في أرجاء الأمة، ولا تجد عندهم مشروعا عمليا ينفع الأجيال.
وتتعجب كيف أغفلوا دور العلم في القوة المعاصرة، وكيف يركزون على أن مشكلة الأمة في الدين، وعليها أن تجدد خطابها الديني، وكأن الأمم لا تكون إلا بدين، فالعيب في الدين، والسبب هو الآخر، ولا شيء سوى ذلك، وتجدنا أمام مئات الكتب الصادرة وهي تتناول الأمة والدين، ولا تجد كتابا واحدا يمنحك فكرة ذات قيمة عملية لصناعة حاضر أفضل ومستقبل أرقى.
فهل أن المفكرين العرب يفكرون؟!!
واقرأ أيضاً:
مفهوم القوة المعاصرة!! / المعرفة كالماء والهواء!!